فائدة
قال الإمام السبكى :
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا ﴾ الْآيَةَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي ﴿ إنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ ﴾ يَعُودُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ وَرَدَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فِي أَسْمَائِهِ تَعَالَى فِي مَوْضِعَيْنِ فِي سُورَةِ غَافِرٍ وَفِي سُورَةِ الشُّورَى.
فَيَكُونُ هَذَا مَوْضِعًا رَابِعًا وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ : إنَّ الضَّمِيرَ هُنَا يَعُودُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ هَذَانِ الِاسْمَانِ مِنْ أَسْمَائِهِ أَيْضًا وَيَكُونُ مَعْنَى وَصْفِهِ بِهِمَا هُنَا أَنَّهُ الْكَامِلُ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ اللَّذَيْنِ يُدْرِكُ بِهِمَا الْآيَاتِ الَّتِي يُرِيهِ إيَّاهَا وَقَالَ تَعَالَى ﴿ إنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ فَهَذَا يُحْتَمَلُ، لِأَنَّ الْمَعْنَى نَقَلْنَاهُ مِنْ حَالَةِ النُّطْفَةِ إلَى حَالَةٍ عَظِيمَةٍ.
وَمُحْتَمَلًا ابْتِلَاؤُهُ.
فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ بِخَلْقِ الْإِنْسَانِ تَدَبُّرُهُ، وَتَدَبُّرُهُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْعَقْلِ، وَأَعْظَمُ الْحَوَاسِّ الْمُوَصِّلَةِ إلَى الْعَقْلِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ.
فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَجِيءُ وَصْفُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، لِأَنَّهُ لَا أَحَدَ أَكْمَلَ مِنْهُ فِي التَّدَبُّرِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَالْبَصَرِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى. أ هـ ﴿فتاوى السبكى حـ ١ صـ ٦٤ ـ ٦٥﴾


الصفحة التالية
Icon