" لقد رأيتُنِي في الحِجْر وقريش تسألني عن مَسْرَاي فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أُثْبِتْها فكُرِبْتُ كَرْباً ما كُرِبت مثله قطّ قال فرفعه الله لي أنظر إليه فما سألوني عن شيء إلا أنبأتهم به " الحديث.
وقد اعتُرض قول عائشة ومعاوية :"إنما أسرى بنَفْس رسول الله ﷺ " بأنها كانت صغيرة لم تشاهِد، ولا حدّثت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وأما معاوية فكان كافراً في ذلك الوقت غير مشاهد للحال، ولم يحدّث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ومن أراد الزيادة على ما ذكرنا فليقف على ( كتاب الشفاء ) للقاضي عياض يجد من ذلك الشفاء.
وقد احتجّ لعائشة بقوله تعالى :﴿ وَمَا جَعَلْنَا الرؤيا التي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ ﴾ [ الإسراء : ٦٠ ] فسماها رؤيا.
وهذا يردّه قوله تعالى :﴿ سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً ﴾ ولا يقال في النوم أسرى.
وأيضاً فقد يقال لرؤية العين : رؤيا، على ما يأتي بيانه في هذه السورة.
وفي نصوص الأخبار الثابتة دلالةٌ واضحة على أن الإسراء كان بالبدن، وإذا ورد الخبر بشيء هو مجوّز في العقل في قدرة الله تعالى فلا طريق إلى الإنكار، لا سيما في زمن خرق العوائد، وقد كان للنبيّ ﷺ معارجُ ؛ فلا يبعد أن يكون البعض بالرؤيا، وعليه يحمل قوله عليه السلام في الصحيح :" بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان " الحديث.
ويحتمل أن يردّ من الإسراء إلى نوم.
والله أعلم.
المسألة الثانية : في تاريخ الإسراء، وقد اختلف العلماء في ذلك أيضاً، واختُلف في ذلك على ابن شهاب ؛ فروى عنه موسى بن عقبة أنه أسِرَي به إلى بيت المقدس قبل خروجه إلى المدينة بسنة.
وروى عنه يونس عن عروة عن عائشة قالت : تُوفِّيت خديجة قبل أن تُفرض الصلاة.
قال ابن شهاب : وذلك بعد مبعث النبيّ ﷺ بسبعة أعوام.
وروى عنه الوَقّاصيّ قال : أسْرِيَ به بعد مبعثه بخمس سنين.