وأن بينهما أربعين عاماً من حديث أبي ذَرّ، وبناء سليمان عليه السلام المسجد الأقصى ودعاؤه له من حديث عبد الله بن عمرو ووجه الجمع في ذلك ؛ فتأمله هناك فلا معنى للإعادة.
ونذكر هنا قوله ﷺ :" لا تُشَدّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام وإلى مسجدي هذا وإلى مسجد إيلياء أو بيت المقدس ".
خرّجه مالك من حديث أبي هريرة.
وفيه ما يدل على فضل هذه المساجد الثلاثة على سائر المساجد ؛ لهذا قال العلماء : من نذر صلاة في مسجد لا يصل إليه إلا برحلة وراحلة فلا يفعل، ويصلّي في مسجده، إلا في الثلاثة المساجد المذكورة فإنه من نذر صلاة فيها خرج إليها.
وقد قال مالك وجماعة من أهل العلم فيمن نذر رِباطاً في ثَغْر يسدّه : فإنه يلزمه الوفاء حيث كان الرباط لأنه طاعة لله عز وجل.
وقد زاد أبو البَخْتَرِيّ في هذا الحديث مسجد الجند، ولا يصح وهو موضوع، وقد تقدّم في مقدّمة الكتاب.
السادسة : قوله تعالى :﴿ إلى المسجد الأقصى ﴾ سُمِّيَ الأقصَى لبعد ما بينه وبين المسجد الحرام، وكان أبعد مسجد عن أهل مكة في الأرض يعظَّم بالزيارة، ثم قال :﴿ الذي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾ قيل : بالثمار وبمجاري الأنهار.
وقيل : بمن دُفن حوله من الأنبياء والصالحين ؛ وبهذا جعله مقدّسا.
وروى معاذ بن جبل عن النبيّ ﷺ أنه قال :" يقول الله تعالى يا شام أنت صفْوَتي من بلادي وأنا سائق إليك صفوتي من عبادي " أصله سام فَعُرِّبَ.
﴿ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ ﴾ هذا من باب تلوين الخطاب.
والآيات التي أراه الله من العجائب التي أخبر بها الناس، وإسراؤه من مكة إلى المسجد الأقصى في ليلة وهو مسيرة شهر، وعروجه إلى السماء ووصفه الأنبياء واحداً واحداً، حسبما ثبت في صحيح مسلم وغيره.
﴿ إِنَّهُ هُوَ السميع البصير ﴾ تقدّم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٠ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon