وإنما أسرى به ﷺ ليلاً لمزيد الاحتفال به عليه الصلاة والسلام فإن الليل وقت الحلوة والاختصاص ومجالسة الملوك ولا يكاد يدعو الملك لحضرته ليلاً إلا من هو خاص عنده وقد أكرم الله تعالى فيه قوماً من أنبيائه عليهم السلام بأنواع الكرامات وهو كالأصل للنهار، وأيضاً الاهتداء فيه للمقصد أبلغ من الاهتداء في النهار، وأيضاً قالوا : إن المسافر يقطع في الليل ما لا يقطع في النهار ومن هنا جاء عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار، وأيضاً أسري به ليلاً ليكون ما يعرج إليه من عالم النور المحض أبعد عن الشبه بما يعرج منه من عالم الظلمة وذلك أبلغ في الإعجاب.
وقال ابن الجوزي في ذلك : إن النبي ﷺ سراج والسراج لا يوقد إلا ليلاً وبدر وكذا مسير البدر في الظلم إلى غير ذلك من الحكم التي لا يعلمها إلا الله تعالى، ثم إن الآية ليست نصاً في دخوله عليه الصلاة والسلام المسجد الأقصى إلا أن الأخبار الصحيحة نص في ذلك، وقوله سبحانه :﴿ الذى لِمَنْ حَوْلَهُ ﴾ صفة مدح وفيها إزالة اشتراك عارض، وبركته بما خص به من كونه متعبد الأنبياء عليهم السلام وقبلة لهم وكثرة الأنهار والأشجار حوله، وفي الحديث أنه تعالى بارك فيما بين العريش إلى الفرات وخص فلسطين بالتقديس، وقيل : بركته أن جعل سبحانه مياه الأرض كلها تنفجر من تحت صخرته والله تعالى أعلم بصحة ذلك، وهو أحد المساجد الثلاث التي تشد إليها الرحال، والأربع التي يمنع من دخولها الدجال فقد أخرج أحمد في المسند أن الدجال يطوف الأرض إلا أربعة مساجد ؛ مسجد المدينة.
ومسجد مكة.
والأقصى.
والطور.
والصلاة فيه مضاعفة فقد أخرج أحمد أيضاً.
وأبو داود.
وابن ماجه عن ميمونة مولاة رسول الله ﷺ أنها قالت : يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس قال : أرض المحشر والمنشر ائتوه وصلوا فيه فإن صلاة فيه بألف صلاة.


الصفحة التالية
Icon