أليس أول من صلى لقبلتكم...
فإن للضرورة أحكاماً.
لا يناسب أن يقال بها أحسن الكلام نظاماً.
وفي هذه الآية منزع بديع لتعظيم شأن العلم وجدارة العلماء بالتعظيم والتبجيل لأن الله لما علم آدم علماً لم يؤهل له الملائكة كان قدجعل آدم أنموذجاً للمبدعات والمخترعات والعلوم التي ظهرت في البشر من بعد والتي ستظهر إلى فناء هذا العالم.
وقرأ أبو جعفر في أشهر الرواية عنه ( للملائكةُ اسجدوا ) بضمة على التاء في حال الوصل على إتْباع حركة التاء لضمة الجيم في ( اسجدوا ) لعدم الاعتداد بالساكن الفاصل بين الحرفين لأنه حاجز غير حصين، وقراءته هذه رواية وهي جرت على لغة ضعيفة في مثل هذا فلذلك قال الزجاج والفارسي : هذا خطأ من أبي جعفر، وقال الزمخشري : لا يجوز استهلاك الحركة الإعرابية بحركة الإتباع إلا في لغة ضعيفة كقراءة الحسن
﴿الحمدِ لله﴾ [ الفاتحة : ٢ ] بكسر الدال قال ابن جني : وإنما يجوز هذا الذي ذهب إليه أبو جعفر إذا كان ما قبل الهمزة ساكناً صحيحاً نحو :﴿وقالتُ أخرج عليهن﴾ في سورة يوسف ( ٣١ ) أ هـ وإنما حملوا عليه هذه الحملة لأن قراءته معدودة في القراءات المتواترة فما كان يحسن فيها مثل هذا الشذوذ، وإن كان شذوذاً في وجوه الأدَاء لا يخالف رسم المصحف.
وعطف فسجدوا} بفاء التعقيب يشير إلى مبادرة الملائكة بالامتثال ولم يصدَّهم ما كان في نفوسهم من التخوف من أن يكون هذا المخلوق مظهر فساد وسفك دماء لأنهم منزَّهون عن المعاصي.
واستثناء إبليس من ضمير الملائكة في ﴿فسجدوا﴾ استثناء منقطع لأن إبليس لم يكن من جنس الملائكة قال تعالى في سورة الكَهْففِ ( ٥٠ ) ﴿إلا إبليس كان من الجن﴾ ولكن الله جعل أحواله كأحوال النفوس الملكية بتوفيق غلب على جبلته لتتأتى معاشرته بهم وسيره على سيرتهم فساغ استثناء حاله من أحوالهم في مظنة أن يكون مماثلاً لمن هو فيهم.