الرابع : في قوله تعالى :﴿ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِين ﴾ قولان : أحدهما أنه وقت العبادة كان منافقاً، والثاني أنه كان مؤمناً ثم كفر، وهذا قول الأكثرين. فقيل في معنى الآية :﴿ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِين ﴾ في علم الله، أي : كان عالماً في الأزل أنه سيكفر. والذي عليه الأكثرون أن إبليس أول كافر بالله. أو يقال : معنى الآية أنه صار من الذين وافقوه في الكفر بعد ذلك. واختلف الناس بأي سبب كفر إبليس، لعنه لله. فقالت الخوارج : إنما كفر بمعصية الله، وكل معصية كفر. وهذا قول باطل بالكتاب والسنة وإجماع الأمة. وقال آخرون : كفر بترك السجود لآدم ومخالفته أمر الله. وقال آخرون : كفر لأنه خالف الأمر الشفاهي من الله، فإن الله خاطب الملائكة وأمرهم بالسجود. ومخالفة الأمر الشفاهي أشد قبحاً. وقال جمهور الناس : كفر إبليس لأنه أبى السجود واستكبر وعاند وطعن، واعتقد أنه محق في تمرده، واستدل بـ :﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ﴾ [ الأعراف : ١٢ ] كما يأتي. فكأنه ترك السجود لآدم. تسفيها لأمر الله وحكمته. وهذا الكبر عبر عنه رسول الله ﷺ بقوله :< لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر > كذا في " كتاب الاستعاذة " للإمام [ ابن ] مفلح [ في المطبوع : سقط ابن ] الحنبلي رحمه الله تعالى. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٢ صـ ٣١٨ ـ ٣٢١﴾


الصفحة التالية
Icon