﴿هذه﴾ ولما كان اسم الإشارة لا دلالة له على حقيقة الذات افتقر إلى بيان ذات المشار إليه فقال :﴿الشجرة﴾ أي فإنكما إن قربتماها تأكلا منها ﴿فتكونا﴾ أي بذلك ﴿من الظالمين﴾ أي الواضعين الشيء في غير موضعه كمن يمشي في الظلام ؛ وفي هذا النهي دليل على أن هذه السكنى لا تدوم، لأن المخلد لا يناسب أن يعرض للحظر بأن يحظر عليه شيء ولا أن يؤمر ولا ينهى، ولذلك دخل عليه الشيطان من جهة الخلد، ولا داعي لبيان نوع الشجرة لأن السياق لبيان شؤم المخالفة وبركة التوبة لا لتعيين المنهي عنه فليس بيانه حينئذ من الحكمة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ١٠٣ ـ ١٠٥﴾

فصل


قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسكن﴾ لا خلاف أن الله تعالى أخرج إبليس عند كفره وأبعده عن الجنة، وبعد إخراجه قال لآدم : اسكن ؛ أي لازم الإقامة واتخذها مسكناً، وهو محل السكون.
وسَكَن إليه يَسْكُن سكوناً.
والسَّكَن : النار ؛ قال الشاعر :
قد قُوِّمَتْ بِسَكَنٍ وأدهان...
والسَّكَن : كل ما سُكن إليه.
والسِّكين معروف، سُمِّيَ به لأنه يُسَكِّن حركة المذبوح ؛ ومنه المِسْكين لقلة تصرّفه وحركته.
وسُكّان السفينة عربيّ ؛ لأنه يُسَكّنها عن الاضطراب. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١ صـ ٢٩٨﴾
فائدة
قال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿وَقُلْنَا يَا ءادَمُ اسكن أَنتَ وَزَوْجُكَ الجنة﴾، روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال : أمر الله تعالى ملائكته أن يحملوا آدم على سرير من ذهب إلى السماء، فأدخلوه الجنة ثم خلق منه زوجه حواء، يعني من ضلعه الأيسر، وكان آدم بين النائم واليقظان. (١)
وقال ابن عباس : سميت حواء لأنها خلقت من الحي.
ويقال : إنما سميت حواء لأنه كان في شفتها حوة، يعني حمرة. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ٧٠﴾
_
(١) هذا الخبر يفتقر إلى سند صحيح. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon