قال القاضي أبو محمد وليس في شيء من هذا التعيين ما يعضده خبر، وإنما الصواب أن يعتقد أن الله تعالى نهى آدم عن شجرة فخالف هو إليها وعصى في الأكل منها، وفي حظره تعالى على آدم الشجرة ما يدل على أن سكناه في الجنة لا يدوم، لأن المخلد لا يحظر عليه شيء، ولا يؤمر ولا ينهى.
وقيل إن هذه الشجرة كانت خصت بأن تحوج آكلها إلى التبرز، فلذلك نهي عنها فلما أكل منها ولم تكن الجنة موضع تبرز أهبط إلى الأرض. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ١٢٧ ـ ١٢٨﴾
وقال القرطبى :
واختلف أهل التأويل في تعيين هذه الشجرة التي نُهي عنها فأكل منها ؛ فقال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جُبير وجَعْدة بن هُبيرة : هي الكَرْم ؛ ولذلك حُرّمت علينا الخمر.
وقال ابن عباس أيضاً وأبو مالك وقَتادة : هي السُّنْبُلة، والحبّةُ منها ككُلَى البقر، أحْلَى من العسل وألْيَن من الزُّبْد ؛ قاله وَهْب بن مُنَبِّه.
ولما تاب الله على آدم جعلها غذاء لبنيه.
وقال ابن جُريج عن بعض الصحابة : هي شجرة التِّين، وكذا روى سعيد عن قتادة، ولذلك تُعَبَّر في الرؤيا بالندامة لآكلها من أجل ندم آدم عليه السلام على أكلها ؛ ذكره السُّهَيْلي.
قال ابن عطية : وليس في شيء من هذا التعيين ما يَعْضُده خبرٌ وإنما الصواب أن يُعتقد أن الله تعالى نهى آدم عن شجرة فخالف هو إليها وعصى في الأكل منها.
وقال القُشيري أبو نصر : وكان الإمام والدي رحمه الله يقول : يُعلم على الجملة أنها كانت شجرة المِحْنة.
واختلفوا كيف أكل منها مع الوعيد المقترن بالقرب وهو قوله تعالى :﴿فَتَكُونَا مِنَ الظالمين﴾، فقال قوم : أكلا من غير التي أشير إليها، فلم يتأوّلا النهي واقعاً على جميع جنسها، كأن إبليس غَرّه ( بالأخذ ) بالظاهر.
قال ابن العربي : وهي أوّل معصية عصي الله بها على هذا القول.
قال :" وفيه دليل على أن من حلف ألا يأكل من هذا الخبز فأكل من جنسه حنِث.