قلت : وهو الصحيح لإخبار الله تعالى في كتابه بذلك حَتْماً وجَزْماً فقال :﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إلى ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً﴾ [ طه : ١١٥ ].
ولكن لما كان الأنبياء عليهم السلام يلزمهم من التحفظ والتيقّظ لكثرة معارفهم وعُلُوّ منازلهم ما لا يلزم غيرهم كان تشاغله عن تذكّر النّهي تضييعاً صار به عاصياً ؛ أي مخالفاً.
قال أبو أمامة : لو أن أحلام بني آدم منذ خلق الله الخلق إلى يوم القيامة وضعت في كِفّة ميزان ووُضع حِلْم آدم في كِفّة أخرى لرجحهم ؛ وقد قال الله تعالى :﴿وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً﴾.
قلت : قولُ أبي أُمامة هذا عمومٌ في جميع بني آدم.
وقد يحتمل أن يخصّ من ذلك نبيّنا محمد ﷺ ؛ فإنه كان أوفر الناس حلماً وعقلاً.
وقد يحتمل أن يكون المعنى لو أن أحلام بني آدم من غير الأنبياء. والله أعلم.
قلت : والقول الأوّل أيضاً حَسَن ؛ فظنّا أن المراد العَيْن وكان المراد الجنس ؛ " كقول النبيّ ﷺ حين أخذ ذهباً وحريراً فقال :" هذان حرامان على ذكور أمتي" " وقال في خبر آخر :" هذان مهلكان أمتي " وإنما أراد الجنس لا العين. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١ صـ ٣٠٥ ـ ٣٠٧﴾


الصفحة التالية
Icon