فصل


قال الفخر :
اتفقوا على أن المراد بقوله تعالى :﴿فَتَكُونَا مِنَ الظالمين﴾ هو أنكما إن أكلتما فقد ظلمتما أنفسكما لأن الأكل من الشجرة ظلم الغير، وقد يكون ظالماً بأن يظلم نفسه وبأن يظلم غيره، فظلم النفس أعم وأعظم.
ثم اختلف الناس ههنا على ثلاثة أقوال :
الأول : قول الحشوية الذين قالوا : إنه أقدم على الكبيرة فلا جرم كان فعله ظلماً، الثاني : قوله المعتزلة الذين قالوا : إنه أقدم على الصغيرة ثم لهؤلاء قولان : أحدهما : قول أبي علي الجبائي وهو أنه ظلم نفسه بأن ألزمها ما يشق عليه من التوبة والتلافي، وثانيهما : قول أبي هاشم وهو أنه ظلم نفسه من حيث أحبط بعض ثوابه الحاصل فصار ذلك نقصاً فيما قد استحقه، الثالث : قول من ينكر صدور المعصية منهم مطلقاً وحمل هذا الظلم على أنه فعل ما الأولى له أن لا يفعله.
ومثاله إنسان طلب الوزارة ثم إنه تركها واشتغل بالحياكة، فإنه يقال له : يا ظالم نفسه لم فعلت ذلك ؟ فإن قيل : هل يجوز وصف الأنبياء عليهم السلام بأنهم كانوا ظالمين أو بأنهم كانوا ظالمي أنفسهم ؟ والجواب أن الأولى أنه لا يطلق ذلك لما فيه من إيهام الذم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣ صـ ٦ ـ ٧﴾


الصفحة التالية
Icon