وقال صاحب الميزان :
قوله تعالى [ فتكونا من الظالمين ] من الظلم لا من الظلمة على ما احتمل بعضهم وقد اعترفا بظلمهما حيث قالا على ما حكاه الله تعالى عنهما [ ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ] (الأعراف : ٢٣) ومن هنا يظهر أن وبال هذا الظلم إنما كان هو الوقوع في تعب حياة هذه الأرض من جوع وعطش، وعراء وعناء وعلى هذا، فالظلم منهما إنما هو ظلمهما لأنفسهما، لا بمعنى المعصية المصطلحة، والظلم على سبحانه، ومن هنا يظهر أيضاً أن هذا النهي أعني : قوله :[ ولا تقربا ] إنما كان نهياً تنزيهياً إرشادياً يرشد به إلى ما فيه خير المكلف وصلاحه في مقام النصح لا نهياً مولوياً.
فهما إنما ظلما أنفسهما في ترك الجنة على أن جزاء المخالفة للنهي المولوي التكليفي يتبدل بالتوبة إذا قبلت، ولم يتبدل في موردهما، فإنهما تابا وقبلت توبتهما، ولم يرجعا إلى ما كانا من الجنة (١)، ولولا أن التكليف إرشادي ليس له إلا التبعة التكوينية دون التشريعية لاستلزم قبول التوبة رجوعهما إلى ما كانا فيه من مقام القرب. أ. هـ ﴿الميزان في تفسير القرآن حـ ١ صـ ١٣ - ١٣١﴾
" ما هو ذنب آدم ؟ "
المكانة التي ذكرها القرآن لآدم سامية ورفيعة، فهو خليفة الله في الأرض ومعلم الملائكة، وعلى درجة كبيرة من التقوى والمعرفة، وهو الذي سجدت له ملائكة الله المقربين.
ومن المؤكد أن آدم هذا لا يصدر عنه ذنب، إضافة إلى أنه كان نبيّاً، والنّبي معصوم.
من هنا يطرح سؤال عن نوع العمل الذي صدر عن آدم. وتوجد لذلك ثلاثة تفسيرات يكمل بعضها الآخر.
١ ـ ما ارتكبه آدم كان " تركاً للأولى" أو بعبارة أخرى كان " ذنباً نسبياً"، ولم يكن " ذنباً مطلقاً".