الذنب المطلق، وهو الذنب الذي يستحق مرتكبه العقاب أياً كان، مثل الشرك والكفر والظلم والعدوان، والذنب النسبي هو الذي لا يليق بمرتكبه أن يفعله لعلوّ منزلة ذلك الشخص، وإن كان ارتكابه مباحاً، بل مستحباً أحياناً من قبل الأفراد العاديين. على سبيل المثال، نحن نؤدي الصلاة بحضور القلب تارة، وبعدم حضور القلب تارة أخرى، وهذه الصلاة تتناسب وشأننا، لكن مثل هذه الصلاة لا تليق بأفراد عظام مثل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). صلاة الرّسول ينبغي أن تكون بأجمعها اتصالا عميقاً بالله تعالى، وإن فعل الرّسول غير ذلك فلا يعني أنه ارتكب محرّما ً، بل يعني أنه ترك الأولى.
وآدم كان يليق به أن لا يأكل من تلك الشجرة، وإن كان الأكل منها غير محرّم بل " مكروهاً".
٢ ـ نهي الله لآدم إرشادي، مثل قول الطبيب : لا تأكل الطعام الفلاني فتمرض. والله سبحانه قال لآدم : لا تقرب هذه الشجرة فتخرج من الجنّة، وآدم في أكله من الشجرة خالف نهياً إرشادياً.
٣ ـ الجنّة التي مكث فيها آدم لم تكن محلا للتكليف، بل كانت دورة اختبارية وتمهيدية لآدم كي يهبط بعدها إلى الأرض. وكان النهي ذا طابع اختياري. أ هـ [ الأمثل للشيرازى حـ١ صـ ٥١ ].
لطيفة
قال صاحب الحكم
" حكاية لطيفة "
تذاكر بعض الأولياء، عند أبي مدين، أسرار الشجرة المنهي عنها، فكل قد تكلم على قدر مشربه وذوقه، والشيخ ساكت، فرفع رأسه وقال : لو كان يعلم أبونا آدم - عليه السلام - أن حبيب الله وخاتم الأنبياء - عليه السلام - يجئ من صلبه، لكان يتناول من الشجرة في أول دخوله، بل يأكل عرقها، لكي يخرج من الجنة سريعاً، لأجل ظهور الأحمدية من نسله (١). أ هـ ﴿خواتم الحكم حـ١ صـ ٢١٦﴾
________
(١) وهذا كما سبق من ملح التفسير وليس من متينه. والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon