فائدة
قال الخطيب الإسكافي - رحمه الله -
قوله تعالى :[ وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة ] (البقرة : ٣٥) وقال في سورة الأعراف [ يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة ] (الأعراف : ١٩) فعطف [ كلا ] على قوله [ اسكن ] بالفاء في هذه السورة، وعطفها عليه في سورة البقرة بالواو، والأصل في ذلك أن كل فعل عطف عليه ما يتعلق به تعلق الجواب بالابتداء، وكان الأول مع الثاني بمعنى الشرط والجزاء، فالأصل فيه عطف الثاني على الأول بالفاء دون الواو، كقوله تعالى :[ وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغداً ] (البقرة : ٥٨) فعطف [ كلوا ] على [ ادخلوا ] بالفاء، لما كان وجود الأكل منها متعلقاً بدخولها، فكأنه قال : إن دخلتموها أكلتم منها فالدخول موصل إلى الأكل، والأكل متعلق وجوده بوجوده : يبين ذلك قوله تعالى في مثل هذه الآية من سورة الأعراف :[ وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة ] (الأعراف : ١٦١) فعطف [ كلوا ] على قوله :[ اسكنوا ] بالوا ودون الفاء، لأن [ اسكنوا ] من السكنى، وهي المقام مع طول لبث والأكل لا يختص وجوده بوجوده، لأن من يدخل بستاناً قد يأكل منه، وإن كان مجتازاً، فلما لم يتعلق الثاني بالأول تعلق الجواب بالإبتداء وجب العطف بالوا ودون الفاء، وعلى هذا قوله تعالى في الآية التي بدأت بذكرها :