والأولى : عدم القطع والتعيين كما أن الله تعالى لم يعينها باسمها في الآية ولا أرى ثمرة في تعيين هذه الشجرة ويقال : فيها شجرة بكسر الشين وشيرة بإبدال الجيم ياءاً مفتوحة مع فتح الشين وكسرها وبكل قرأ بعض، وعن أبي عمرو أنه كره شيرة قائلاً : إن برابر مكة وسودانها يقرؤون بها ولا يخفى ما فيه، والشجر ماله ساق أو كل ما تفرع له أغصان وعيدان، أو أعم من ذلك لقوله تعالى :﴿شَجَرَةً مّن يَقْطِينٍ﴾ [ الصافات : ١٤٦ ] وقوله تعالى :﴿فَتَكُونَا﴾ إما مجزوم بحذف النون معطوفاً على ﴿تَقْرَبَا﴾ فيكون منهيا عنه وكان على أصل معناها، أو منصوب على أنه جواب للنهي كقوله سبحانه :﴿وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلَّ﴾ [ طه : ١ ٨ ] والنصب باضمار ( أن ) عند البصريين وبالفاء نفسها عند الجرمى، وبالخلاف عند الكوفيين و( كان ) حينئذ بمعنى صار، وأياً ما كان من تفهم سببية ما تقدم لكونها ( من الظالمين ) أي الذين ظلموا أنفسهم بارتكاب المعصية أو نقصوا حظوظهم بمباشرة ما يخل بالكرامة والنعيم أو تعدوا حدود الله تعالى، ولعل القربان المنهي عنه الذي يكون سبباً للظلم المخل بالعصمة هو ما لا يكون مصحوباً بعذر كالنسيان هنا مثلاً المشار إليه بقوله تعالى :﴿فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً﴾ [ طه : ٥ ١١ ] فلا يستدعي حمل النهي على التحريم، والظلم المقول بالتشكيك على ارتكاب المعصية عدم عصمة آدم عليه السلام بالأكل المقرون بالنسيان وإن ترتب عليه ما ترتب نظراً إلى أن حسنات الأبرار سيآت المقربين وللسيد أن يخاطب عبده بما شاء، نعم لو كان ذلك غير مقرون بعذر كان ارتكابه حينئذ مخلا ودون إثبات هذا خرط القتاد فإذاً لا دليل في هذه القصة على عدم العصمة، ولا حاجة إلى القول إن ما وقع كان قبل النبوة لا بعدها كما يدعيه المعتزلة القائلون بأن ظهوره مع علمه بالأسماء معجزة على نبوته إذ ذاك.