قال ابن العربي : سمعت الشاشي في مجلس النظر يقول : إذا قيل : لا تقرَب بفتح الراء، كان معناه لا تتلبس بالفعل، وإذا كان بضم الراء، معناه لا تَدْنُ، نقله ابن مفلح في " كتاب الاستعاذة ". ونقل الفرق المذكور بينهما أيضاً السيد مرتضى في " شرح القاموس " عن شيخه العلامة الفاسي، قال : إن أرباب الأفعال نصوا عليه، وظاهر القاموس أنهما مترادفان، فإنه قال : قرب منه، ككرم، وقريه كسمع قرباً وقَرباناً، وقِرباناً : دنا، فهو قريب. للواحد والجمع. انتهى.
لطيفة :
جاء في آية الأعراف :﴿ فَكُلا ﴾ [ الأعراف : ١٩ ] وهنا بالواو، لأن كل فعل عطف عليه شيء، وكان ذلك الفعل كالشرط، وذكر الشيء كالجزاء، عطف بالفاء دون الواو، كقوله تعالى :﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً ﴾ [ البقرة : ٥٨ ] لما كان وجود الأكل منها متعلقاً بدخولها ذكر بالفاء، كأنه قال : إن دخلتموها أكلتم منها، فالأكل يتعلق وجوده بوجود الدخول. وقوله في الأعراف :﴿ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا ﴾ [ الأعراف : ١٦١ ] بالواو دون الفاء، لأنه منه السكنى، وهو في المقام مع اللبث الطويل، والأكل لا يختص وجوده بوجوده، لأن من دخل بستاناً قد يأكل منه، وإن كان مجتازاً، فلما لم يتعلق الثاني بالأول تعلق الجزاء بالشرط، عطف بالواو. وإذا ثبت هذا فنقول : قد يراد بـ :﴿ اسكن ﴾ الزم مكاناً دخلته، ولا تنتقل عنه، وقد يراد ادخله واسكن فيه. ففي البقرة، ورد الأمر، بعد أن كان آدم في الجنة، فكان المراد المكث، والأكل لا يتعلق به، فجيء بالواو. وفي الأعراف ورد قبلُ أنَّ دخول [ في المطبوع : دخل ] الجنة، والمراد الدخول والأكل متعلق به، فورد بالفاء.
تنبيه :