وأمددناكم} [ الإسراء : ٦ ]، وكل ذلك ضمير عائد إلى الله تعالى، وإما أن يكون ذلك الواحد هو البعث ودل عليه قوله :﴿بَعَثْنَا﴾ والفعل المتقدم يدل على المصدر كقوله تعالى :﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين يَبْخَلُونَ بِمَا ءاتاهم الله مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ﴾ [ آل عمران : ١٨٠ ] وقال الزجاج : ليسوء الوعد وجوهكم، وقرأ الكسائي بالنون وهذا على إسناد الفعل إلى الله تعالى كقوله :﴿بعثنا عليكم﴾ ﴿أمددناكم ﴾.
ثم قال تعالى :﴿وَلِيُتَبّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا﴾ يقال : تبر الشيء تبراً إذا هلك وتبره أهلكه.
قال الزجاج : كل شيء جعلته مكسراً ومفتتاً فقد تبرته، ومنه قيل : تبر الزجاج وتبر الذهب لمكسره، ومنه قوله تعالى :﴿إِنَّ هَؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وباطل مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [ الأعراف : ١٣٩ ] وقوله :﴿وَلاَ تَزِدِ الظالمين إلا تباراً﴾ [ نوح : ٢٨ ] وقوله :﴿مَا عَلَوْاْ﴾ يحتمل ما غلبوا عليه وظفروا به، ويحتمل ويتبروا ما داموا غالبين، أي ما دام سلطانهم جارياً على بني إسرائيل، وقوله :﴿تَتْبِيرًا﴾ ذكر للمصدر على معنى تحقيق الخبر وإزالة الشك في صدقه كقوله :﴿وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيماً﴾ [ النساء : ١٦٤ ] أي حقاً، والمعنى : وليدمروا ويخربوا ما غلبوا عليه.
ثم قال تعالى :﴿عسى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ﴾ والمعنى : لعل ربكم أن يرحمكم ويعفو عنكم بعد انتقامه منكم يا بني إسرائيل.
ثم قال :﴿وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا﴾ يعني : أن بعثنا عليكم من بعثنا، ففعلوا بكم ما فعلوا عقوبة لكم وعظة لتنتفعوا به وتنزجروا به عن ارتكاب المعاصي، ثم رحمكم فأزال هذا العذاب عنكم، فإن عدتم مرة أخرى إلى المعصية عدنا إلى صب البلاء عليكم في الدنيا مرة أخرى.


الصفحة التالية
Icon