وعن زيد بن واقد قال : رأيت رأس يحيى عليه السلام حيث أرادوا بناء مسجد دمشق أخرج من تحت ركن من أركان القبة التي تلي المحراب مما يلي الشرق، فكانت البشرة والشعر على حاله لم يتغيّر.
وعن قُرّة بن خالد قال : ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن عليّ ؛ وحمرتها بكاؤها.
وعن سفيان بن عُيَيْنة قال : أوحش ما يكون ابن آدم في ثلاثة مواطن : يوم ولد فيخرج إلى دار هَمٍّ، وليلة يبيت مع الموتى فيجاور جيرانا لم ير مثلهم، ويوم يُبعث فيشهد مشهداً لم ير مثله ؛ قال الله تعالى ليحيى في هذه الثلاثة مواطن :﴿ وَسَلاَمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً ﴾.
كله من التاريخ المذكور.
واختلف فيمن كان المبعوث عليهم في المرة الآخرة ؛ فقيل : بختنصر.
وقاله القشيري أبو نصر، لم يذكر غيره.
قال السُّهَيْلِيّ : وهذا لا يصح ؛ لأن قتل يحيى كان بعد رفع عيسى، وبختنصر كان قبل عيسى بن مريم عليهما السلام بزمان طويل، وقبل الإسكندر ؛ وبين الإسكندر وعيسى نحوٌ من ثلثمائة سنة، ولكنه أريد بالمرة الأخرى حين قتلوا شعيا، فقد كان بختنصر إذ ذاك حيا، فهو الذي قتلهم وخرّب بيت المقدس وأتبعهم إلى مصر وأخرجهم منها.
وقال الثعلبي : ومن روى أن بختنصّر هو الذي غزا بني إسرائيل عند قتلهم يحيى بن زكريا فغلط عند أهل السِّير والأخبار ؛ لأنهم مجمعون على أن بختنصر إنما غزا بني إسرائيل عند قتلهم شَعْيَا وفي عهد إرْمِيَاء.
قالوا : ومن عهد إرمياء وتخريب بختنصّر بيت المقدس إلى مولد يحيى بن زكريا عليهما السلام أربعمائة سنة وإحدى وستون سنة، وذلك أنهم يعدّون من عهد تخريب بيت المقدس إلى عمارته في عهد كوسك سبعين سنة، ثم من بعد عمارته إلى ظهور الإسكندر على بيت المقدس ثمانية وثمانين سنة، ثم من بعد مملكة الإسكندر إلى مولد يحيى ثلثمائة وثلاثاً وستين سنة.
قلت : ذكر جميعه الطبري في التاريخ رحمه الله.


الصفحة التالية
Icon