قوله تعالى :﴿ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة ﴾ أي من المرتين ؛ وجواب "إذا" محذوف، تقديره بعثناهم ؛ دلّ عليه "بعثنا" الأوّل.
﴿ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ ﴾ أي بالسَّبْي والقتل فيظهر أثر الحزن في وجوهكم ؛ ف "ليسوءوا" متعلق بمحذوف ؛ أي بعثنا عباداً ليفعلوا بكم ما يسوء وجوهكم.
قيل : المراد بالوجوه السادة ؛ أي ليُذِلّوهم.
وقرأ الكسائي "لنسوءَ" بنون وفتح الهمزة، فعلُ مخبر عن نفسه معظّم، اعتباراً بقوله "وقضينا، وبعثنا ورددنا".
ونحوه عن عليّ.
وتصديقها قراءة أبيٍّ "لنسوءنّ" بالنون وحرف التوكيد.
وقرأ أبو بكر والأعمش وابن وَثّاب وحمزة وابن عامر "ليسوءَ" بالياء على التوحيد وفتح الهمزة ؛ ولها وجهان : أحدهما ليسوء الله وجوهكم.
والثاني ليسوء الوعدُ وجوهكم.
وقرأ الباقون "ليسوءوا" بالياء وضم الهمزة على الجمع ؛ أي ليسوء العباد الذين هم أولو بأس شديد وجوهكم.
﴿ وَلِيَدْخُلُواْ المسجد كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ ﴾ أي ليدمّروا ويهلكوا.
وقال قُطْرُب : يهدموا ؛ قال الشاعر :
فما الناس إلا عاملان فعامل...
يُتَبِّر ما يَبْنِي وآخر رافع
﴿ مَا عَلَوْاْ ﴾ ا أي غلبوا عليه من بلادكم ﴿ تَتْبِيراً ﴾.
قوله تعالى :﴿ عسى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ ﴾
وهذا مما أخبروا به في كتابهم.
و"عسى" وعد من الله أن يكشف عنهم.
و"عسى" من الله واجبة.
﴿ أَن يَرْحَمَكُمْ ﴾ بعد انتقامه منكم، وكذلك كان ؛ فكثّر عددهم وجعل منهم الملوك.
﴿ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ﴾ قال قتادة : فعادوا فبعث الله عليهم محمداً ﷺ ؛ فهم يُعطون الجزية بالصَّغار ؛ وروي عن ابن عباس.
وهذا خلاف ما تقدم في الحديث وغيره.
وقال القُشَيْرِيّ : وقد حلّ العقاب ببني إسرائيل مرتين على أيدي الكفار، ومرة على أيدي المسلمين.
وهذا حين عادوا فعاد الله عليهم.
وعلى هذا يصح قول قتادة.


الصفحة التالية
Icon