وقال أبو حيان :
﴿ إن أحسنتم ﴾
أي أطعتم الله كان ثواب الطاعة لأنفسكم، ﴿ وإن أسأتم ﴾ بمعصيته كان عقاب الإساءة لأنفسكم لا يتعدّى الإحسان والإساءة إلى غيركم، وجواب وإن أسأتم قوله :﴿ فلها ﴾ على حذف مبتدأ محذوف ولها خبره تقديره فالإساءة لها.
قال الكرماني : جاء فلها باللام ازدواجاً انتهى.
يعني أنه قابل قوله لأنفسكم بقوله فلها.
وقال الطبري : اللام بمعنى إلى أي فإليها ترجع الإساءة.
وقيل اللام بمعنى على أي فعليها كما في قوله :
فخر صريعاً لليدين وللقم...
﴿ فإذا جاء وعد الآخرة ﴾ أي المرة الآخرة في إفسادكم وعلوكم، وجواب إذا محذوف يدل عليه جواب إذا الأولى تقديره بعثناهم عليكم وإفسادهم في ذلك بقتل يحيى بن زكريا عليهما السلام.
وسبب قتله فيما روي عن ابن عباس وغيره : أن ملكاً أراد أن يتزوج من لا يجوز له نكاحها، فنهاه يحيى بن زكريا وكان لتلك المرأة حاجة كل يوم عند الملك تقضيها، فألقت أمها إليها أن تسأله عن ذبح يحيى بن زكريا بسبب ما كان منعه من تزويج ابنتها فسألته ذلك، فدافعها فألحق عليه فدعا بطست فذبحه فندرت قطرة على الأرض فلم تزل تغلي حتى بعث الله عليهم بخت نصر وألقى في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن، فقتل عليه منهم سبعين ألفاً.
وقال السهيلي : لا يصح أن يكون المبعوث في المرة الآخرة بخت نصر لأن قتل بحيى بعد رفع عيسى، وبخت نصر كان قبل عيسى بزمن طويل.
وقيل : المبعوث عليهم الإسكندر وبين الإسكندر وعيسى نحو ثلاثمائة سنة، ولكنه إن أريد بالمرة الأخرى حين قتلوا شعياء فكان بختنصر إذ ذاك حياً فهو الذي قتلهم وخرب بيت المقدس وأتبعهم إلى مصر وأخرجهم منها.
وروي عن عبد الله بن الزبير أن الذي غزاهم آخراً ملك اسمه خردوس وتولى قتلهم على دم يحيى بن زكرياء قائد له فسكن الدم.
وقيل قتله ملك من ملوك بني إسرائيل يقال له لا حب.


الصفحة التالية
Icon