جواب ﴿ إذا ﴾ في هذه الآية الكريمة محذوف، وهو الذي تتعلق به اللام في قوله :﴿ لِيَسُوءُواْ ﴾ وتقديره : فإذا جاء وعد الآخرة بعثناهم ليسؤوا وجوهكم. بدليل قوله في الأولى :﴿ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ ﴾ [ الإسراء : ٥ ] الآية، وخير ما يفسر به القرآن القرآن. قال ابن قتيبة في ( مشكل القرآن ) : ونظيره في حذف العامل قول حميد بن ثور :
رأتني بحبليها فصدت مخافة... وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق
أي رأتني أقبلت، أو مقبلاً. وفي هذا الحرف ثلاث قرآت سبعيات : قرأه على الكسائي " لنسوء وجوهكم " بنون العظمة وفتح الهمزة. أي لنسوءها بتسليطنا إياهم عليكم يقتلونكم ويعذبونكم. وقرأه ابن عامر وحمزة وشعبة عن عاصم " ليسوء وجوهكم " بالياء وفتح الهمزة والفاعل ضمير عائد إلى الله. أي ليسوء هو. أي الله وجوهكم بتسليطه إياهم عليكم.
وقرأه الباقون ﴿ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ ﴾ بالياء وضم الهمزة بعدها واو الجمع التي هي فاعل الفعل، ونصبه بحذف النون، وضمير الفاعل الذي هو واو عائد إلى الذين بعثهم الله عليهم ليسؤوا وجوههم بأنواع العذاب والقتل.
﴿ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (٨) ﴾
قوله تعالى :﴿ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ﴾.
لما بين جلَّ وعلا أن بني إسرائيل قضى إليهم في الكتاب أنهم يفسدون في الأرض مرتين، وأنه إذا جاء وعد الأولى منهما : بعث عليهم عباداً له أولي بأس شديد، فاحتلوا بلادهم وعذبوهم. وأنه إذا جاء وعد المرة الآخرة : بعث عليهم قوماً ليسوءوا وجوههم، وليدخوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علو تتبيراً.