وأعمالها واستقر الأمر بينهما على ذلك، وكان دارا في ذلك الوقت شيخاً فلم تطل مدته فلما مات اتفق عظماء مادي وفارس على أن ملكوا عليهم كورش، ومنذ ذلك الوقت صار ملك مادي وفارس واحداً، وبقي الأمر على ذلك ولم يتغير، ولما تسلم كورش مملكة الكسدانيين، وجلس على كرسي بابل وملك على مادي وفارس حركه الله تعالى في السنة الأولى من ملكه، فذكر نذره الذي كان قد نذر أنه يطلق لجالية بني إسرائيل الرجوع إلى بلدهم، وأنه يبني قدس الله، ويرد آلاته إليه، فأمر بإحضار شيوخ الجالية وكبرائهم، فأخبرهم بما قد عزم عليه من بناء بيت المقدس وإطلاقهم وقال لهم : من اختار من جالية اليهود أن يمضي إلى مدينة القدس لبناء الهيكل الذي أخربه بختنصر فليمض ويستعن بالله عز وجل فإنه يعينه، وأنا كورش عبد الإله العظيم أطلق من خزائني جميع ما يحتاج إليه من المال والعدد لعمارة بيت الرب الذي ظفرني بالكسدانيين، وأعطاني ملكهم، قال : فلما سمع شيوخ الجالية مقالة كورش عظم سرورهم بذلك وشكروا الله عز وجل على إحسانه، وطلعوا إلى مدينة بيت المقدس، ومعهم جماعة كثيرة، ومعهم عزرا الكاهن عليه السلام ونحميا ومردخاي ويشوع وسائر رؤساء الجالية ومقدميهم، فبنوا بيت الله على المقدار الذي رسم لهم كورش، وبنوا المذبح على واجبه وحدوده، وقربوا القرابين على واجبها، وكان كورش يطلق لهم كل سنة ما يحتاجون إليه لخدمة بيت الله من المال والحنطة والزيت والخمر والغنم والبقر، وأطلق لهم مالاً كثيراً، ولم يزل الأمر يجري على ذلك طول مملكة الفرس، قال : ثم عظم أمر كورش وبسط الله يده على جميع الأمم والممالك، وفتح له الحصون المنيعة وأعطاه كنوز الأرض وذخائرها، ولم يزل مقبلاً مظفراً حيثما توجه كما أخبر الله تعالى على يد أشعيا النبي عليه السلام أنه يفعل ذلك بكورش من أجل إحسانه إلى بني إسرائيل ؛ قال في سفر الأنبياء في نبوة أشعيا بن آموص : هكذا يقول الرب