البحث الرابع : القياس : إثبات الواو في قوله :﴿وَيَدْعُ﴾ إلا أنه حذف في المصحف من الكتابة، لأنه لا يظهر في اللفظ، أما لم تحذف في المعنى لأنها في موضع الرفع، ونظيره :﴿سَنَدْعُ الزبانية﴾ [ العلق : ١٨ ] ﴿وَسَوْفَ يُؤْتِ الله المؤمنين﴾ [ النساء : ١٤٦ ] ﴿وَيَوْمَ يُنَادِ المناد﴾ [ ق : ٤١ ] ﴿فَمَا تُغْنِ النذر﴾ [ القمر : ٥ ] ولو كان بالواو والياء لكان صواباً هذا كلام الفراء.
وأقول : إن هذا يدل على أنه سبحانه قد عصم هذا القرآن المجيد عن التحريف والتغيير فإن إثبات الياء والواو في أكثر ألفاظ القرآن وعدم إثباتهما في هذه المواضع المعدودة يدل على أن هذا القرآن نقل كما سمع، وأن أحداً لم يتصرف فيه بمقدار فهمه وقوة عقله.
ثم قال تعالى :﴿وَكَانَ الإنسان عَجُولاً﴾ وفي هذا الإنسان قولان :
القول الأول : آدم عليه السلام، وذلك لأنه لما انتهت الروح إلى سرته نظر إلى جسده فأعجبه فذهب لينهض فلم يقدر، فهو قوله :﴿وَكَانَ الإنسان عَجُولاً ﴾.
والقول الثاني : أنه محمول على الجنس، لأن أحداً من الناس لا يعرى عن عجلة، ولو تركها لكان تركها أصلح له في الدين والدنيا، وأقول : بتقدير أن يكون المراد هو القول الأول، كان المقصود عائداً إلى القول الثاني، لأنا إذا حملنا الإنسان على آدم عليه الصلاة والسلام كان المعنى أن آدم الذي كان أصل البشر لما كان موصوفاً بهذه العجلة وجب أن تكون هذه صفة لازمة للكل، فكان المقصود عائداً إلى القول الثاني، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٠ صـ ١٢٨ ـ ١٣١﴾