وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّ هذا القرآن يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾
لما ذكر المعراج ذكر ما قضى إلى بني إسرائيل، وكان ذلك دلالة على نبوّة محمد ﷺ، ثم بيّن أن الكتاب الذي أنزل الله عليه سبب اهتداء.
ومعنى ﴿ لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ أي الطريقة التي هي أسدّ وأعدل وأصوب ؛ ف "التي" نعت لموصوف محذوف، أي الطريقة التي هي أقوم.
وقال الزجاج : للحال التي هي أقوم الحالات، وهي توحيد الله والإيمان برسله.
وقاله الكلبي والفرّاء.
قوله تعالى :﴿ وَيُبَشِّرُ المؤمنين الذين يَعْمَلُونَ الصالحات ﴾ تقدّم.
﴿ أَنَّ لَهُمْ ﴾ أي بأن لهم.
﴿ أَجْراً كَبِيراً ﴾ أي الجنة.
﴿ وأَنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة ﴾ أي ويبشرهم بأن لأعدائهم العقاب.
والقرآن معظمه وعد ووعيد.
وقرأ حمزة والكسائِيّ "ويَبْشُر" مخففاً بفتح الياء وضم الشين ؛ وقد ذُكر.
قوله تعالى :﴿ وَيَدْعُ الإنسان بالشر دُعَآءَهُ بالخير ﴾
قال ابن عباس وغيره : هو دعاء الرجل على نفسه وولده عند الضجر بما لا يحب أن يستجاب له : اللَّهُمَّ أهلكه، ونحوه.
﴿ دُعَآءَهُ بالخير ﴾ أي كدعائه ربَّه أن يَهَب له العافية ؛ فلو استجاب الله دعاءه على نفسه بالشر هلك لكن بفضله لا يستجيب له في ذلك.
نظيره :﴿ وَلَوْ يُعَجِّلُ الله لِلنَّاسِ الشر استعجالهم بالخير ﴾ [ يونس : ١١ ] وقد تقدّم.
وقيل : نزلت في النضر بن الحارث، كان يدعو ويقول :﴿ اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [ الأنفال : ٣٢ ].
وقيل : هو أن يدعو في طلب المحظور كما يدعو في طلب المباح، قال الشاعر وهو ابن جامع :
أطوف بالبيت فيمن يطوف...
وأرفع من مئْزَرِي الْمُسْبَلِ
وأسجد بالليل حتى الصباح...
وأَتْلُو من الْمُحْكَم الْمُنْزَلِ
عسى فارجُ الْهَمِّ عن يوسفٍ...
يُسَخِّر لي ربّةَ المَحْمِلِ