وهذا مكابرة بل وقع في زمان الرسول ( ﷺ ) من بعض المؤمنين هنات وسقطات بعضها مذكور في القرآن، وبعضها مذكور في الحديث الصحيح الثابت.
﴿ وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة ﴾ عطف على قوله :﴿ أن لهم أجراً كبيراً ﴾ بشروا بفوزهم بالجنة وبكينونة العذاب الأليم لأعدائهم الكفار، إذ في علم المؤمنين بذلك وتبشيرهم به مسرة لهم، فهما بشارتان وفيه وعيد للكفار.
وقال الزمخشري : ويجوز أن يراد ويخبر بأن الذين لا يؤمنون انتهى.
فلا يكون إذ ذاك داخلاً تحت البشارة.
وفي قوله :﴿ وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة ﴾ دليل على أن من آمن بالآخرة لا يعدّ له عذاب أليم، وأنه ليس عمل الصالحات شرطاً في نجاته من العذاب.
وقرأ الجمهور ﴿ ويبشر ﴾ مشدّداً مضارع بشر المشدّد.
وقرأ عبد الله وطلحة وابن وثاب والإخوان ﴿ ويبشر ﴾ مضارع بشر المخفف ومعنى ﴿ أعتدنا ﴾ أعددنا وهيأنا، وهذه الآية جاءت عقب ذكر أحوال اليهود، واندرجوا فيمن لا يؤمن بالآخرة لأن أكثرهم لا يقول بالثواب والعقاب الجسماني وبعضهم قال :
﴿ لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة ﴾ فلم يؤمنوا بالآخرة حقيقة الإيمان بها.
﴿ ويدع الإنسان ﴾ قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : نزلت ذامّة لما يفعله الناس من الدعاء على أموالهم وأبنائهم في أوقات الغضب والضجر، ومناسبتها لما قبلها أن بعض من لا يؤمن بالآخرة كان يدعو على نفسه بتعجيل ما وعد به من الشر في الآخرة، كقول النضر :﴿ فأمطر علينا حجارةً ﴾ الآية.
وكتب ﴿ ويدع ﴾ بغير واو على حسب السمع والإنسان هنا ليس واحداً معيناً، والمعنى أن في طباع الإنسان أنه إذا ضجر وغضب دعا على نفسه وأهله وماله بالشر أن يصيبه كما يدعو بالخير أن يصيبه، ثم ذكر تعالى أن ذلك من عدم تثبته وقلة صبره.


الصفحة التالية
Icon