وقال الآلوسى :
﴿ إِنَّ هذا القرءان ﴾
الذي آتيناكه، وهذا متعلق بصدر السورة كما مرت الإشارة إليه، وفي الإشارة بهذا تعظيم لما جاء به النبي المجتبى ﷺ ﴿ يَهْدِى ﴾ أي الناس كافة لا فرقة مخصوصة منهم كدأب الكتاب الذي آتيناه موسى عليه السلام ﴿ لِلَّتِى ﴾ أي الطريقة التي ﴿ هِىَ أَقْوَمُ ﴾ أي أقوم الطرق وأسدها أعني ملة الإسلام والتوحيد فللثي صفة لموصوف حذف اختصاراً وقدره بعضهم الحالة أو الملة، وأيما قدرت لم تجد مع الإثبات ذوق البلاغة الذي تجده مع الحذف لما في الإبهام من الدلالة على أنه جرى الوادي وطم على القرى، و﴿ أَقْوَمُ ﴾ أفعل تفضيل على ما أشار إليه غير واحد.
وقال أبو حيان : الذي يظهر من حيث المعنى أنه لا يراد به التفضيل إذ لا مشاركة بين الطريقة التي يهدي لها القرآن وغيرها من الطرق في مبدأ الاشتقاق لتفضل عليه فالمعنى للتي هي قيمة أي مستقيمة كما قال الله تعالى ﴿ فِيهَا كُتُبٌ قَيّمَةٌ ﴾ [ البينة : ٣ ] ﴿ ذَلِكَ دِينُ القيمة ﴾ [ البينة : ٥ ] اه.
وإلى ذلك ذهب الإمام الرازي ﴿ وَيُبَشّرُ المؤمنين ﴾ بما في تضاعيفه من الأحكام والشرائع.
وقرأ عبد الله.
وطلحة.
وابن وثاب.
والإخوان ﴿ وَيُبَشّرُ ﴾ بالتخفيف مضارع بشر المخفف وجاء بشرته وبشرته وأبشرته ﴿ الذين يَعْمَلُونَ ﴾ الأعمال ﴿ الصالحات ﴾ التي شرحت فيه ﴿ أَنَّ لَهُمْ ﴾ أي بأن لهم بمقابلة أعمالهم ﴿ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ بحسب الذات وبحسب التضعيف عشراً فصاعداً وفسر ابن جريج الأجر الكبير وكذا الرزق الكريم في كل القرآن بالجنة
﴿ وأَنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة ﴾
وأحكامها المشروحة فيه من البعث والحساب والجزاء من الثواب والعقاب الروحانيين والجسمانيين، وتخصيص الآخرة بالذكر من بينت سائر ما لم يؤمن به الكفرة لكونها معظم ما أمروا الايمان به ولمراعاة التناسب بين أعمالهم وجزائها الذي أنبأ عنه قوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon