وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
قوله :﴿ وَقَضَيْنَا إلى بَنِى إسراءيل فِى الكتاب ﴾
أي : أعلمنا وأخبرنا، أو حكمنا وأتممنا، وأصل القضاء : الإحكام للشيء والفراغ منه ؛ وقيل : أوحينا، ويدل عليه قوله إلى بني إسرائيل، ولو كان بمعنى الإعلام والإخبار لقال : قضينا بني إسرائيل، ولو كان بمعنى حكمنا لقال : على بني إسرائيل، ولو كان بمعنى أتممنا لقال : لبني إسرائيل، والمراد بالكتاب : التوراة، ويكون إنزالها على نبيهم موسى كإنزالها عليهم لكونهم قومه ؛ وقيل : المراد بالكتاب : اللوح المحفوظ.
وقرأ أبو العالية وسعيد بن جبير :( في الكتب ).
وقرأ عيسى الثقفي :( لتفسدنّ في الأرض ) بفتح المثناة، ومعنى هذه القراءة قريب من معنى قراءة الجمهور، لأنهم إذا أفسدوا فسدوا في نفوسهم، والمراد بالفساد : مخالفة ما شرعه الله لهم في التوراة، والمراد بالأرض أرض الشام وبيت المقدس ؛ وقيل : أرض مصر، واللام في ﴿ لتفسدن ﴾ جواب قسم محذوف.
قال النيسابوري : أو أجري القضاء المبتوت مجرى القسم كأنه قيل : وأقسمنا لتفسدنّ.
وانتصاب ﴿ مَّرَّتَيْنِ ﴾ على أنه صفة مصدر محذوف، أو على أنه في نفسه مصدر عمل فيه ما هو من غير جنسه، والمرة الأولى : قتل شعياء أو حبس أرمياء، أو مخالفة أحكام التوراة، والثانية : قتل يحيى بن زكريا والعزم على قتل عيسى ﴿ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً ﴾ هذه اللام كاللام التي قبلها، أي : لتستكبرنّ عن طاعة الله ولتستعلنّ على الناس بالظلم والبغي مجاوزين للحد في ذلك ﴿ فَإِذَا جَآء وَعْدُ أولاهما ﴾ أي : أولى المرتين المذكورتين ﴿ بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ أي : قوّة في الحروب وبطش عند اللقاء.


الصفحة التالية
Icon