﴿ وجعلناكم أَكْثَرَ نَفِيرًا ﴾ قال أبو عبيدة : النفير : العدد من الرجال ؛ فالمعنى ؛ أكثر رجالاً من عدوكم، والنفير : من ينفر مع الرجل من عشيرته، يقال : نفير ونافر مثل : قدير وقدر، ويجوز أن يكون النفير جمع : نفر ﴿ إِنْ أَحْسَنتُمْ ﴾ أي : أفعالكم وأقوالكم على الوجه المطلوب منكم، ﴿ أَحْسَنتُمْ لاِنفُسِكُمْ ﴾ لأن ثواب ذلك عائد إليكم ﴿ وَإِنْ أَسَأْتُمْ ﴾ أفعالكم وأقوالكم فأوقعتموها لا على الوجه المطلوب منكم، ﴿ فَلَهَا ﴾ أي : فعليها.
ومثله قول الشاعر :
فخر صريعاً لليدين وللفم... أي : على اليدين وعلى الفم.
قال ابن جرير : اللام بمعنى إلى، أي : فإليها ترجع الإساءة كقوله تعالى :﴿ بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا ﴾ [ الزلزلة : ٥ ] أي : إليها ؛ وقيل : المعنى : فلها الجزاء أو العقاب.
وقال الحسين بن الفضل : فلها ربّ يغفر الإساءة، وهذا الخطاب : قيل هو لبني إسرائيل الملابثين لما ذكر في هذه الآيات، وقيل : لبني إسرائيل الكائنين في زمن محمد ﷺ، ومعناه : إعلامهم ما حل بسلفهم فليرتقبوا مثل ذلك، وقيل : هو خطاب لمشركي قريش.
﴿ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخرة ﴾ أي : حضر وقت ما وعدوا من عقوبة المرة الآخرة، والمرة الآخرة : هي قتلهم يحيى بن زكريا كما سبق، وقصة قتله مستوفاة في الإنجيل، واسمه فيه يوحنا، قتله ملك من ملوكهم بسبب امرأة حملته على قتله، واسم الملك لاخت قاله ابن قتيبة.
وقال ابن جرير : هيردوس، وجواب ﴿ إذا ﴾ محذوف، تقديره : بعثناهم، لدلالة جواب " إذا " الأولى عليه، ﴿ يسؤووا وُجُوهَكُمْ ﴾ متعلق بهذا الجواب المحذوف أي : ليفعلوا بكم ما يسوء وجوهكم حتى تظهر عليكم آثار المساءة، وتتبين في وجوهكم الكآبة، وقيل : المراد بالوجوه السادة منهم.
وقرأ الكسائي ( لنسوء ) بالنون، على أن الضمير لله سبحانه.
وقرأ أبيّ :( لنسوءن ) بنون التأكيد.


الصفحة التالية
Icon