قال : فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتّى وضع دون دار عقيل أو عقال فنعت المسجد وأنا أنظر إليه. فقال القوم : أما النعت فوالله قد أصاب.
ثمّ قالوا : يا محمّد أخبرنا عن عيرنا فهي أهم إلينا من قولك، هل لقيت فيها شيئاً؟ قال :" نعم مررت على عير بني فلان وهي بالروجاء وقد أضلوا بعيراً لهم وهم في طلبه وفي رحالهم قعب من ماء فعطشت فأخذته فقربته ثمّ وضعته كما كان فاسألوهم هل وجدوا الماء في القدح حين رجعوا إليه ".
قالوا : إن هذه آية واحدة. قال :" ومررت بعير فلان وفلان وفلان راكبان قعوداً لهما ببني مرة ففرآ بكرهما مني فرمى بفلان فإنكسرت يده فسلوهما عن ذلك.
قالوا : وهذه آية أخرى.
قالوا : أخبرنا عن عيرنا نحن؟ قال :" مررت بها بالنعيم ". قالوا : فما عدتها وأحمالها وغنمها؟ قال :" كنت في شغل من ذلك ثمّ مثلت لي فكأنه بالجزورة وبعدتها وأحمالها وهيئتها ومن فيها " فقال :" نعم هيئتها كذا وكذا وفيها فلان وفلان تقدمها جعل أورق عليه خزارتان مخيطتان يطلع عليكم عند طلوع الشمس ".
قالوا : وهذه آية، ثمّ خرجوا يشدّون نحو [ الثلاثة ] وهم يقولون : والله لقد قص محمّد شيئاً وبيّنه حتّى أتوا كداً فجلسوا عليه فجعلوا ينظرون متى تطلع الشمس فيكذبون، إذ قال قائل منهم : هذا الشمس قد طلعت. وقال الآخر : وهذه الإبل قد طاعت يتقدمها بعير أورق فيها فلان وفلان كما قال لهم، فلم يؤمنوا ولم يفلحوا وقالوا : ما سمعنا بهذا قط إن هذا إلاّ سحر مبين ".
آخر المعراج ولله الحمد والمنة.
فإن قيل : إنما قال الله ﴿ سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا ﴾ فَلِم قال : إنه أسرى إلى السماء.


الصفحة التالية
Icon