قرأ ابن كثير وابن عامر : بفتح الفاء من غير تنوين، ونافع وحفص : بكسر الفاء والتنوين، والباقون : بكسر الفاء من غير تنوين وكلها لغات، وعلى هذا الخلاف في سورة الأنبياء ﴿أُفّ لَّكُمْ﴾ [ الأنبياء : ٦٧ ] وفي الأحقاف :﴿أُفّ لَّكُمَا﴾ [ الأحقاف : ١٧ ] وأقول : البحث المشكل ههنا أنا لما نقلنا عشرة أنواع من اللغات في هذه اللفظة، فما السبب في أنهم تركوا أكثر تلك اللغات في قراءة هذه اللفظة، واقتصروا على وجوه قليلة منها ؟
المسألة الثالثة :
ذكروا في تفسير هذه اللفظة وجوهاً : الأول : قال الفراء : تقول العرب جعل فلان يتأفف من ريح وجدها، معناه يقول : أف أف.
الثاني : قال الأصمعي : الأف وسخ الأذن.
والتف وسخ الظفر.
يقال ذلك عند استقذار الشيء، ثم كثر حتى استعملوا عند كل ما يتأذون به.
الثالث : قال بعضهم أف معناه قلة، وهو مأخوذ من الأفيف وهو الشيء القليل وتف أتباع له، كقولهم : شيطان ليطان خبيث نبيث.
الرابع : روى ثعلب عن ابن الأعرابي : الأف الضجر.
الخامس : قال القتبي : أصل هذه الكلمة أنه إذا سقط عليك تراب أو رماد نفخت فيه لتزيله والصوت الحاصل عند تلك النفخة هو قولك أف، ثم إنهم توسعوا فذكروا هذه اللفظة عند كل مكروه يصل إليهم.
السادس : قال الزجاج : أف معناه النتن وهذا قول مجاهد، لأنه قال معنى قوله :﴿وَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ﴾ أي لا تتقذرهما كما أنهما لم يتقذراك كنت تخر أو تبول، وفي رواية أخرى عن مجاهد أنه إذا وجدت منهما رائحة تؤذيك فلا تقل لهما أف.
المسألة الرابعة :
قول القائل : لا تقل لفلان أف، مثل يضرب للمنع من كل مكروه وأذية وإن خف وقل.
واختلف الأصوليون في أن دلالة هذا اللفظ على المنع من سائر أنواع الإيذاء دلالة لفظية أو دلالة مفهومة بمقتضى القياس.


الصفحة التالية
Icon