يعلم منهم نفقة المال في فساد، فكان يعرض عنهم رغبة الأجر في منعهم لئلا يعينهم على فسادهم، فأمره الله تعالى بأن يقول لهم ﴿ قولاً ميسوراً ﴾ يتضمن الدعاء في الفتح لهم والإصلاح.
قال القاضي أبو محمد : وقال بعض أهل التأويل الأول، نزلت الآية في عمار بن ياسر وصنفه، و" الميسور " مفعول من لفظة اليسر، تقول يسرت لك كذا إذا أعدَدته، وقوله ﴿ ولا تجعل يدك ﴾ الآية، روي عن قالون " كل البصط " بالصاد، ورواه الأعشى عن أبي بكر، واستعير لليد المقبوضة جملة عن الإنفاق المتصفة بالبخل " الغل إلى العنق "، واستعير لليد التي تستنفد جميع ما عندها غاية البسط ضد الغل، وكل هذا في إنفاق الخير، وأما إنفاق الفساد فقليله وكثيره حرام، وهذه الآية ينظر إليها قول النبي ﷺ :" مثل البخيل والمتصدق "، والحديث بكامله، والعلامة هنا لاحقة ممن يطلب من المستحقين فلا يجد ما يعطي، و" المسحور " المنفه الذي قد استنفدت قوته تقول حسرت البعير إذا أتعبته حتى لم تبق له قوة فهو حسير، ومنه قول الشاعر :[ الطويل ]
لهن الوجى لم كن عوناً على السرى... ولا زال منها ظالع وحسير
ومنه البصر الحسير وهو الكال، وقال ابن جريج وغيره في معنى هذه الآية، لا تمسك عن النفقة فيما أمرتك به من الحق، ولا تبسطها كل البسط فيما نهيتك عنه، وقال قتادة :" التبذير " النفقة في معصيه الله، وقال مجاهد : لو أنفق إنسان ماله كله في حق لم يكن تبذيراً، ولو أنفق مداً في باطل تبذيراً.