وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وآت ذا القربى حقَّه ﴾
فيه قولان.
أحدهما : أنه قرابة الرجل من قبَل أبيه وأُمِّه، قاله ابن عباس، والحسن، فعلى هذا في حقهم ثلاثة أقوال.
أحدها : أن المراد به : بِرُّهم وصِلَتهم.
والثاني : النَّفقة الواجبة لهم وقت الحاجة.
والثالث : الوصيَّة لهم عند الوفاة.
والثاني : أنهم قرابة الرسول، قاله علي بن الحسين عليهما السلام، والسدي.
فعلى هذا، يكون حقهم : إِعطاؤهم من الخُمس، ويكون الخطاب للوُلاة.
قوله تعالى :﴿ والمسكينَ وابنَ السبيل ﴾ قال القاضي أبو يعلى : يجوز أن يكون المراد : الصدقات الواجبة، يعني : الزكاة، ويجوز أن يكون الحق الذي يَلزمه إِعطاؤه عند الضرور إِليه.
وقيل : حق المسكين، من الصدقة، وابن السبيل، من الضيافة.
قوله تعالى :﴿ ولا تبذِّر تبذيراً ﴾ في التبذير قولان.
أحدهما : أنه إِنفاق المال في غير حق، قاله ابن مسعود، وابن عباس.
وقال مجاهد : لو أنفق الرجل ماله كلَّه في حقٍّ، ما كان مبذِّراً، ولو أنفق مُدّاً في غير حق، كان مبذِّراً.
قال الزجاج : التبذير : النفقة في غير طاعة الله، وكانت الجاهلية تنحر الإِبل وتبذِّر الأموال تطلب بذلك الفخر والسُّمعة، فأمر الله عز وجل بالنفقة في وجهها فيما يقرِّب منه.
والثاني : أنه الإِسراف المتلفِ للمال، ذكره الماوردي.
وقال أبو عبيدة : المبذِّر : هو المُسرف المُفسد العائث.
قوله تعالى ﴿ إِن المبذِّرين كانوا إِخوان الشياطين ﴾ لأنهم يوافقونهم فيما يدعونهم إِليه، ويشاكلونهم في معصية الله، ﴿ وكان الشيطان لربه كفورا ﴾ أي : جاحداً لنِعَمه.
وهذا يتضمن أن المسرف كفور للنِّعم.
قوله تعالى :﴿ وإِما تعرضَنَّ عنهم ﴾ في المشار إِليهم أربعة أقوال.
أحدها : أنهم الذين تقدَّم ذِكْرُهم من الأقارب والمساكين وأبناء السبيل، قاله الأكثرون، فعلى هذا في علَّة هذا الإِعراض قولان.
أحدهما : الإِعسار، قاله الجمهور.