وروى جابر بن عبد الله نحو هذا، فزاد فيه، فأذَّن بلال للصلاة، وانتظروه فلم يخرج، فشغل قلوب الصحابة، فدخل عليه بعضهم، فرأوه عُرياناً، فنزلت هذه الآية، والمعنى : لا تمسك يدك عن البذل كلَّ الإِمساك حتى كأنها مقبوضة إِلى عنقك، ﴿ ولا تبسطها كلَّ البسط ﴾ في الإِعطاء والنفقة ﴿ فتقعُدَ ملوماً ﴾ تلوم نفسك ويلومك الناس، ﴿ محسوراً ﴾ قال ابن قتيبة : تَحْسِرُكَ العطيةُ وتقطعك كما يَحْسِرُ السفر البعيرَ فيبقى منقطعاً به.
قال الزجّاج : المحسور : الذي قد بلغ الغاية في التعب والإِعياء، فالمعنى : فتقعدَ وقد بلغتَ في الحَمْل على نفسك وحالك حتى صِرتَ بمنزلة من قد حَسَر.
قال القاضي أبو يعلى : وهذا الخطاب أُريدَ به غيرُ رسول الله ﷺ، لأنه لم يكن يدَّخِرُ شيئاً لغدٍ، وكان يجوع حتى يشُدَّ الحجَر على بطنه، وقد كان كثير من فضلاء الصحابة ينفقون جميع ما يملكون، فلم ينههم الله، لصحة يقينهم، وإِنما نهى من خِيف عليه التحسُّر على ما خرج من يده، فأما من وثق بوعد الله تعالى، فهو غير مراد بالآية.
قوله تعالى :﴿ إِن ربَّك يبسُط الرِّزق لمن يشاء ويقدر ﴾ أي : يوسع على من يشاء ويضيِّق، ﴿ إِنه كان بعباده خبيراً بصيراً ﴾ حيث أجرى أرزاقهم على ما علم فيه صلاحهم. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon