ومن أنفق درهماً في حرام فهو مبذّر، ويُحجر عليه في نفقته الدرهم في الحرام، ولا يحجر عليه إن بذله في الشهوات إلا إذا خيف عليه النفاد.
﴿ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (٢٨) ﴾
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : وهو أنه سبحانه وتعالى خصّ نبيه ﷺ بقوله :﴿ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابتغآء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا ﴾.
وهو تأديب عجيب وقول لطيف بديع ؛ أي لا تعرض عنهم إعراض مستهين عن ظهر الغنى والقدرة فتَحْرِمهم.
وإنما يجوز أن تُعرض عنهم عند عجزٍ يَعْرِض وعائق يعوق، وأنت عند ذلك ترجو من الله سبحانه وتعالى فتح باب الخير لتتوصل به إلى مواساة السائل، فإن قعد بك الحال فقُلْ لهم قولاً ميسوراً.
الثانية : في سبب نزولها ؛ قال ابن زيد : نزلت الآية في قوم كانوا يسألون رسول الله ﷺ فيأبَى أن يعطيَهم ؛ لأنه كان يعلم منهم نفقة المال في فساد، فكان يُعرض عنهم رغبة في الأجر في منعهم لئلا يعينهم على فسادهم.
وقال عطاء الخراسانِيّ في قوله تعالى ﴿ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابتغآء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا ﴾ قال : ليس هذا في ذكر الوالدين، جاء ناسٌ من مُزَيْنَة إلى النبيّ ﷺ يستحملونه ؛ فقال :" لا أجد ما أحملكم عليه " فتوَلَّوْا وأعينُهم تَفِيض من الدمع حَزَناً ؛ فأنزل الله تعالى :﴿ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابتغآء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا ﴾.
والرحمة الفَيْءُ.
الثالثة : قوله تعالى :﴿ فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً ﴾ أمره بالدعاء لهم، أي يَسِّر فقرهم عليهم بدعائك لهم.
وقيل : ادع لهم دعاءً يتضمّن الفتح لهم والإصلاح.


الصفحة التالية
Icon