والأصح أنه لغة العرب وهو مأخوذ من القسط، وهو الذي يحصل فيه الاستقامة والاعتدال، وبالجملة فمعناه المعتدل الذي لا يميل إلى أحد الجانبين، وأجمعوا على جواز اللغتين فيه، ضم القاف وكسرها، فالكسر قراءة حمزة والكسائي وحفص عن عاصم والباقون بالضم.
ثم قال تعالى :﴿ذلك خَيْرٌ﴾ أي الإيفاء بالتمام والكمال خير من التطفيف القليل من حيث أن الإنسان يتخلص بواسطته عن الذكر القبيح في الدنيا والعقاب الشديد في الآخرة :﴿وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ والتأويل ما يؤل إليه الأمر كما قال في موضع آخر :﴿خَيْرٌ مَّرَدّاً﴾ [ مريم : ٧٦ ] ﴿خَيْرٌ عُقْبًا﴾ [ الكهف : ٤٤ ] ﴿خَيْرٌ أَمَلاً﴾ [ الكهف : ٤٦ ] وإنما حكم تعالى بأن عاقبة هذا الأمر أحسن العواقب، لأنه في الدنيا إذا اشتهر بالاحتراز عن التطفيف عول الناس عليه ومالت القلوب إليه وحصل له الاستغناء في الزمان القليل، وكم قد رأينا من الفقراء لما اشتهروا عند الناس بالأمانة والاحتراز عن الخيانة أقبلت القلوب عليهم وحصلت الأموال الكثيرة لهم في المدة القليلة.
وأما في الآخرة فالفوز بالثواب العظيم والخلاص من العقاب الأليم.
﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦) ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon