وقال ابن عطية :
﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ﴾
قرا الأعمش وابن وثاب " ولا تقتّلوا " بتضعيف الفعل، وهذه الآية نهي عن الوأد الذي كانت العرب تفعله، وهو قوله تعالى :﴿ وإذا الموءودة سئلت ﴾ [ التكوير : ٨ ]، ويقال كان جهلهم يبلغ أن يغدو أحدهم كلبه ويقتل ولده، و﴿ خشية ﴾ نصب على المفعول من أجله، و" الإملاق " الفقر وعدم الملك، أملق الرجل لم يبق له إلا الملقات وهي الحجارة العظام الملس السود، وقرأ الجمهور " خِطْئاً " بكسر الخاء وسكون الطاء وبالهمز والقصر، وقرأ ابن عامر " خطئاً " بفتح الخاء والطاء والهمزة مقصورة، وهي قراءة أبي جعفر، وهاتان قراءتان مأخوذتان من خطىء إذا أتى الذنب على عمد، فهي كحذر وحذر ومثل ومثل وشبه وشبه اسم ومصدر، ومنه قول الشاعر :[ البسيط ]
الخطء فاحشة والبر نافلة... كعجوة غرست في الأرض تؤتبر
قال الزجاج يقال خطىء الرجل يخطأ خطأً مثل أثم إثماً فهذا هو المصدر وخطأ اسم منه، وقال بعض العلماء خطىء معناه واقع الذنب عامداً، ومنه قوله تعالى :﴿ لا يأكله إلا الخاطئون ﴾ [ الحاقة : ٣٧ ]، وأخطأ واقع الذنب عن غير تعمد، ومنه قوله تعالى :﴿ إن نسينا أو أخطأنا ﴾ [ البقرة : ٢٨٦ ]، وقال أبو علي الفارسي : وقد يقع هذا موضع هذا، وهذا موضع هذا، فأخطأ بمعنى تعمد في قول الشاعر :[ الوافر ]
عبادك يخطئون وأنت رب... كريم لا يليق بك الذموم
وخطىء بمعنى لم يتعمد في قول الآخر :[ الكامل ]
والناس يلحون الأمير إذا همُ... خطئوا الصواب ولا يلام المرشد