فصل
قال الفخر :
وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (٤٥) }
اعلم أنه تعالى لما تكلم في الآية المتقدمة في المسائل الإلهية تكلم في هذه الآية فيما يتعلق بتقرير النبوة.
وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
في قوله :﴿وَإِذَا قَرَأْتَ القرءان﴾ قولان :
القول الأول : أن هذه الآية نزلت في قوم كانوا يؤذون رسول الله ﷺ إذا قرأ القرآن على الناس.
روي أنه عليه الصلاة والسلام كان كلما قرأ القرآن قام عن يمينه رجلان، وعن يساره آخران من ولد قصي يصفقون ويصفرون ويخلطون عليه بالأشعار، وعن أسماء أنه ﷺ كان جالساً ومعه أبو بكر إذ أقبلت امرأة أبي لهب ومعها فهر تريد رسول الله ﷺ وهي تقول :
مذمماً أتينا.. ودينه قلينا
وأمره عصينا.. فقال أبو بكر : يا رسول الله معها فهر أخشاها عليك، فتلا رسول الله ﷺ هذه الآية فجاءت فما رأت رسول الله عليه الصلاة والسلام وقالت : إن قريشاً قد علمت أني ابنة سيدها وأن صاحبك هجاني فقال أبو بكر : لا ورب هذا البيت ما هجاك.
وروى ابن عباس : أن أبا سفيان والنضر بن الحرث وأبا جهل وغيرهم كانوا يجالسون النبي ﷺ ويستمعون إلى حديثه، فقال النضر يوماً : ما أدري ما يقول محمد غير أني أرى شفتيه تتحرك بشيء.
وقال أبو سفيان : أني لأرى بعض ما يقوله حقاً، وقال أبو جهل : هو مجنون.
وقال أبو لهب هو كاهن.