قال ابن قتيبة : والقول قول مجاهد، [ أي : مخدوعاً ]، لأن السِّحر حيلة وخديعة، ومعنى قول لبيد "المسحَّر" : المعلَّل، وقول امرئ القيس :"ونُسْحَر" أي : نُعلَّل، وكأنا نُخدَع، والناس يقولون : سحرتَني بكلامكَ، أي : خدعتَني، ويدل عليه قوله :﴿ انظر كيف ضربوا لك الأمثال ﴾، لأنهم لو أرادوا رجلاً ذا رِئَةٍ، لم يكن في ذلك مَثَلٌ ضربوه، فلما أرادوا مخدوعاً كأنه بالخديعة سُحر كان مَثَلاً ضربوه، وكأنهم ذهبوا إِلى أن قوماً يعلِّمونه ويخدعونه.
قال المفسرون : ومعنى ﴿ ضربوا لك الأمثال ﴾ بيَّنوا لك الأشباه، حتى شبَّهوك بالساحر والشاعر والمجنون ﴿ فَضَلُّوا ﴾ عن الحق، ﴿ فلا يستطيعون سبيلاً ﴾ فيه ثلاثة أقوال.
أحدها : لا يجدون سبيلاً إِلى تصحيح ما يعيبونك به.
والثاني : لا يستطيعون سبيلاً إِلى الهُدى، لأنا طبعنا على قلوبهم.
والثالث : لا يأتون سبيل الحق، لثقله عليهم ؛ ومثله قولهم : لا أستطيع أن أنظر إِلى فلان، يعنون : أنا مبغِض له، فنظري إِليه يثقل، ذكرهن ابن الأنباري.
قوله تعالى :﴿ أئذا كُنَّا عظاماً ﴾ قرأ ابن كثير :﴿ أَيْذا ﴾ بهمزة ثم يأتي بياء ساكنة من غير مَدّ، ﴿ أَينا ﴾ مثله، وكذلك في كل القرآن.
وكذلك روى قالون عن نافع، إِلا أن نافعاً كان لا يستفهم في ﴿ أَيْنا ﴾، كان يجعل الثاني خبراً في كل القرآن، وكذلك مذهب الكسائي، غير أنه يهمز الأُولى همزتين.
وقرأ عاصم، وحمزة بهمزتين في الحرفين جميعاً وقرأ ابن عامر :"إِذا كُنّا" بغير استفهام بهمزة واحدة "آئنا" بهمزتين يمد بينهما مدة.
قوله تعالى :﴿ ورُفاتاً ﴾ فيه قولان.
أحدهما : أنه التراب، ولا واحد له، فهو بمنزلة الدُّقاق والحُطام، قاله الفراء، وهو مذهب مجاهد.
والثاني : أنه العظام مالم تتحطم، والرُّفات : الحُطام، قاله أبو عبيدة.
وقال الزجاج : الرُّفات : التراب.
والرُّفات : كل شيء حُطِمَ وكُسِرَ، و ﴿ خلقاً جديداً ﴾ في معنى مجدداً. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٥ صـ ﴾