ثم قال :﴿وَءاتَيْنَا دَاوُودُ زَبُوراً﴾ يعني أن داود كان ملكاً عظيماً، ثم إنه تعالى لم يذكر ما آتاه من الملك وذكر ما آتاه من الكتاب، تنبيهاً على أن التفضيل الذي ذكره قبل ذلك، المراد منه التفضيل بالعلم والدين لا بالمال.
والوجه الثاني : أن السبب في تخصيصه بالذكر أنه تعالى كتب في الزبور أن محمداً خاتم النبيين وأن أمته خير الأمم قال تعالى :
﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزبور مِن بَعْدِ الذكر أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصالحون﴾ [ الأنبياء : ١٠٥ ] وهم محمد وأمته.
فإن قيل : هل عرف كما في فقوله :﴿ولقد كتبنا في الزبور ﴾.
قلنا : التنكير ههنا يدل على تعظيم حاله، لأن الزبور عبارة عن المزبور فكان معناه الكتاب فكان معنى التنكير أنه كامل في كونه كتاباً.
والوجه الثالث : أن السبب فيه أن كفار قريش ما كانوا أهل نظر وجدل بل كانوا يرجعون إلى اليهود في استخراج الشبهات واليهود كانوا يقولون : إنه لا نبي بعد موسى ولا كتاب بعد التوراة فنقض الله تعالى عليهم كلامهم بإنزال الزبور على داود، وقرأ حمزة :﴿زبوراً﴾ بضم الزاي، وذكرنا وجه ذلك في آخر سورة [ النساء : ١٦٣ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٠ صـ ١٨٠ ـ ١٨٤﴾


الصفحة التالية
Icon