قالوا : من الذي هو قادر على صيرورة الحياة فينا وإعادتنا فنبههم على ما يقتضي الإعادة، وهو أن الذي أنشأكم واخترعكم أول مرة هو الذي يعيدكم و﴿ الذي ﴾ مبتدأ وخبره محذوف التقدير ﴿ الذي فطركم أول مرة ﴾ يعيدكم فيطابق الجواب السؤال، ويجوز أن يكون فاعلاً أي يعيدكم الذي فطركم، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ، أي معيدكم الذي فطركم و﴿ أول مرة ﴾ ظرف العامل فيه ﴿ فطركم ﴾ قاله الحوفي.
﴿ فسينغضون ﴾ أي يحركونها على سبيل التكذيب والاستبعاد، ويقولون : متى هو؟ أي متى العود؟ ولم يقولوا ذلك على سبيل التسليم للعود.
ولكن حيدة وانتقالاً لما لا يسأل عنه لأن ما يثبت إمكانه بالدليل العقلي لا يسأل عن تعيين وقوعه، ولكن أجابهم عن سؤالهم بقرب وقوعه لا بتعيين زمانه لأن ذلك مما استأثر الله تعالى بعلمه، واحتمل أن يكون في ﴿ عسى ﴾ إضمار أي ﴿ عسى ﴾ هو أي العود، واحتمل أن يكون مرفوعها ﴿ أن يكون ﴾ فتكون تامة.
و﴿ قريباً ﴾ يحتمل أن يكون خبر كان على أنه يكون العود متصفاً بالقرب، ويحتمل أن يكون ظرفاً أي زماناً قريباً وعلى هذا التقدير يوم ندعوكم بدلاً من قريباً.
وقال أبو البقاء :﴿ يوم يدعوكم ﴾ ظرف ليكون، ولا يجوز أن يكون ظرفاً لاسم كان وإن كان ضمير المصدر لأن الضمير لا يعمل انتهى.
أما كونه ظرفاً ليكون فهذا مبنيّ على جواز عمل كان الناقصة في الظرف وفيه خلاف.
وأما قوله لأن الضمير لا يعمل فهو مذهب البصريين، وأما الكوفيون فيجيزون أن يعمل نحو مروري بزيد حسن وهو بعمرو قبيح، يعلقون بعمرو بلفظ هو أي ومروري بعمرو قبيح.
والظاهر أن الدعاء حقيقة أي ﴿ يدعوكم ﴾ بالنداء الذي يسمعكم وهو النفخة الأخيرة كما قال ﴿ يوم ينادي المناد من مكان قريب ﴾ الآية ويقال : إن إسرافيل عليه السلام ينادي أيتها الأجسام البالية والعظام النخِرة والأجزاء المتفرقة عودي كما كنت.