وقال أبو السعود :
﴿ قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (٥٠) ﴾
﴿ قُلْ ﴾ جواباً لهم وتقريباً لما استبعدوه ﴿ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً ﴾ ﴿ أَوْ خَلْقًا ﴾ آخرَ ﴿ مّمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ ﴾ أي يعظُم عندكم عن قبول الحياة لكمال المباينةِ والمنافاةِ بينها وبينه، فإنكم مبعوثون ومُعادون لا محالة ﴿ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا ﴾ مع ما بيننا وبين الإعادةِ من مثل هذه المباعدةِ والمباينة ﴿ قُلْ ﴾ لهم تحقيقاً للحق وإزاحةً للاستبعاد وإرشاداً لهم إلى طريقة الاستدلال ﴿ الذى ﴾ أي يعيدكم القادرُ العظيم الذي ﴿ فَطَرَكُمْ ﴾ اخترعكم ﴿ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ من غير مثالِ يحتذيه ولا أسلوبٍ ينتحيه وكنتم تراباً ما شمّ رائحةَ الحياة، أليس الذي يقدِر على ذلك بقادر على أن يعيدَ العظامَ الباليةَ إلى حالتها المعهودة؟ بلى إنه على كل شيء قدير ﴿ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ ﴾ أي سيحركونها نحوَك تعجباً وإنكاراً ﴿ وَيَقُولُونَ ﴾ استهزاءً ﴿ متى هُوَ ﴾ أي ما ذكرتَه من الإعادة ﴿ قُلْ ﴾ لهم ﴿ عسى أَن يَكُونَ ﴾ ذلك ﴿ قَرِيبًا ﴾ نُصب على أنه خبرٌ ليكون أو ظرفٌ على أن كان تامةٌ أي أن يقعَ في زمان قريب، ومحلُّ أن مع ما في حيزها إما نصبٌ على أنه خبرٌ لعسى وهي ناقصة واسمُها ضميرٌ عائد إلى ما عاد إليه هو أي عسى كونُه قريباً، أو وقوعُه في زمان قريب.
﴿ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ ﴾
منصوب بفعل مضمر أي اذكروا، أو على أنه بدلٌ من قريباً على أنه ظرفٌ أو نُصب بيكونَ تامةً بالاتفاق، أو ناقصةً عند من يجوّز إعمالَ الناقصة في الظروف، أو بضمير المصدرِ المستكنِّ في عسى أو يكون، أعني البعث عند من يجوز إعمالَ ضمير المصدر كما في قول زهير
وما الحربُ إلا ما علمتمْ وذُقتم... وما هو عنها بالحديث المُرجّمِ