وجعله بدلاً من الضمير المستتر بدل اشتمال ولم يرفع لأنه إذا أضيف إلى مثل هذه الجملة قد يبنى على الفتح تكلف وادعاء ظهوره مكابرة، والدعاء قيل : مجاز عن البعث وكذا الاستجابة في قوله تعالى :﴿ فَتَسْتَجِيبُونَ ﴾ مجاز عن الانبعاث أي يوم يبعثكم فتنبعثون فلا دعاء ولا استجابة وهو نظير قوله تعالى :﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [ يس : ٨٢ ] في أنه لا خطاب ولا مخاطب في المشهور، وتجور بالدعاء والاستجابة عن ذلك للتنبيه على السرعة والسهولة لأن قول : قم يا فلان أمر سريع لا بطء فيه ومجرد النداء ليس كمزاولة الإيجاد بالنسبة إلينا، وعلى أن المقصود الإحضار للحساب والجزاء فإن دعوة السيد لعبده إنما تكون لاستخدامه أو للتفحص عن أمره والأول منتف لأن الآخرة لا تكليف فيها فتعين الثاني، وقال الإمام وأبو حيان : يدعوكم بالنداء الذي يسمعكم وهو النفخة الأخيرة كما قال سبحانه ﴿ يَوْمٍ يُنَادِى المناد مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ﴾ [ ق : ٤١ ] الآية، ويقال إن إسرافيل عليه السلام وفي رواية جبرائيل عليه السلام ينادي على صخرة بيت المقدس أيتها الأجسام البالية والعظام النخرة والأجزاء المتفرقة عودي كما كنت.
وأخرج أبو داود، وابن حبان عن أبي الدرداء أنه قال :" قال ﷺ إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فحسنوا أسماءكم " ولعل هذا عند الدعاء للحساب وهو بعد البعث من القبور، واقتصر كثير على التجوز السابق فقيل إن فيه إشارة إلى امتناع الحمل على الحقيقة لما يلزم من الحمل عليها خطاب الجماد وهو الأجزاء المتفرقة ولو لم تمتنع إرادة الحقيقة لكان ذلك كناية عن البعث والانبعاث لا مجازاً والمجوز لإرادتها يقول إن الدعوة بالأمر التكويني وهو مما يوجه إلى المعدوم وقد قال جمع به في قول كن ولم يتجوزوا في ذلك وأما أنه لو لم تمتنع إرادة الحقيقة لكان كناية لا مجازاً فأمر سهل كما لا يخفى فتدبر.


الصفحة التالية
Icon