وضمير ﴿ عليهم ﴾ عائد إلى المشركين، كما عادت إليهم ضمائر ﴿ على قلوبهم ﴾ [ الإسراء : ٤٦ ] وما بعده من الضمائر اللائقة بهم.
وعليهم } متعلق بـ ﴿ وكيلا ﴾.
وقدم على متعلقه للاهتمام وللرعاية على الفاصلة.
﴿ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (٥٥) ﴾
تماثل القرينتين في فاصلتيْ هذه الآية من كلمة ﴿ والأرض ﴾ وكلمة ﴿ على بعض ﴾، يدل دلالة واضحة على أنهما كلام مرتبط بعضه ببعض، وأن ليس قوله :﴿ وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ﴾ تكملة لآية ﴿ ربكم أعلم بكم ﴾ [ الإسراء : ٥٤ ] الآية.
وتغيير أسلوب الخطاب في قوله :﴿ وربك أعلم ﴾ بعد قوله :﴿ ربكم أعلم بكم ﴾ [ الإسراء : ٥٤ ] إيماء إلى أن الغرض من هذه الجملة عائد إلى شأن من شؤون النبي التي لها مزيد اختصاص به، تقفية على إبطال أقوال المشركين في شؤون الصفات الإلهية، بإبطال أقوالهم في أحوال النبي.
ذلك أن المشركين لم يقبلوا دعوة النبي بغرورهم أنه لم يكن من عظماء أهل بلادهم وقادتهم، وقالوا : أبعث الله يتيم أبي طالب رسولاً، أبعث الله بشراً رسولاً، فأبكتهم الله بهذا الرد بقوله : وربك أعلم بمن في السماوات والأرض } فهو العالم حيث يجعل رسالته.
وكان قوله :﴿ وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ﴾ كالمقدمة لقوله :﴿ ولقد فضلنا بعض النبيئين ﴾ الآية.
أعاد تذكيرهم بأن الله أعلم منهم بالمستأهل للرسالة بحسب ما أعده الله فيه من الصفات القابلة لذلك، كما قال الله تعالى عنهم ﴿ قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالاته ﴾ في سورة [ الأنعام : ١٢٤ ].