وأنا أرى أن يكون وجه هذا التخصيص الإيماء إلى أن كثيراً من الأحوال المرموقة في نظر الجاهلين وقاصري الأنظار بنظر الغضاضة هي أحوال لا تعوق أصحابها عن الصعود في مدارج الكمال التي اصطفاها الله لها، وأن التفضيل بالنبوءة والرسالة لا ينشأ عن عظمة سابقة ؛ فإن داوود عليه السلام كان راعياً من رعاة الغنم في بني إسرائيل، وكان ذا قوة في الرمي بالحجر، فأمر الله شاول ملك بني إسرائيل أن يختار داوود لمحاربة جالوت الكنعاني، فلما قَتل داوودُ جالوتَ آتاه الله النبوءة وصيره ملِكاً لإسرائيل، فهو النبي الذي تجلى فيه اصطفاء الله تعالى لمن لم يكن ذا عظمة وسيادة.
وذكر إيتائه الزبور هو محل التعريض للمشركين بأن المسلمين سيرثون أرضهم وينتصرون عليهم لأن ذلك مكتوب في الزبور كما تقدم آنفاً.
وقد أوتي داوود الزبور ولم يؤت أحد من أنبياء بني إسرائيل كتاباً بعد موسى عليه السلام.
وذكر داوود تقدم في سورة الأنعام وفي آخر سورة النساء.
وأما الزبور فذكر عند قوله تعالى :﴿ وآتينا داوود زبورا ﴾ في آخر سورة [ النساء : ١٦٣.
والزبور : اسم لمجموع أقوال داوود عليه السلام التي بعضها مما أوحاه إليه وبعضها مما ألهمه من دعوات ومناجاة وهو المعروف اليوم بكتاب المزامير من كتب العهد القديم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ١٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon