والقول الثاني : أن المراد بالناس أهل مكة، وإحاطة الله بهم هو أنه تعالى يفتحها للمؤمنين فكان المعنى : وإذ بشرناك بأن الله أحاط بأهل مكة بمعنى أنه يغلبهم ويقهرهم ويظهر دولتك عليهم، ونظيره قوله تعالى :﴿سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر﴾ [ القمر : ٤٥ ] وقال :﴿قُلْ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ﴾ [ آل عمران : ١٢ ] إلى قوله :﴿أَحَاطَ بالناس﴾ لما كان كل ما يخبر الله عن وقوعه فهو واجب الوقوع، فكان من هذا الاعتبار كالواقع فلا جرم قال :﴿أَحَاطَ بالناس﴾ وروي أنه لما تزاحف الفريقان يوم بدر ورسول الله ﷺ في العريش مع أبي بكر كان يدعو ويقول :" أللهم إني أسألك عهدك ووعدك لي " ثم خرج وعليه الدرع يحرض الناس ويقول :﴿سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر ﴾.
ثم قال تعالى :﴿وَمَا جَعَلْنَا الرؤيا الَّتي أريناك إِلاَّ فِتْنَةً لّلنَّاسِ﴾ وفي هذه الرؤيا أقوال :
القول الأول : أن الله أرى محمداً في المنام مصارع كفار قريش فحين ورد ماء بدر قال :
" والله كأني أنظر إلى مصارع القوم " ثم أخذ يقول :" هذا مصرع فلان هذا مصرع فلان " فلما سمعت قريش ذلك جعلوا رؤياه سخرية، وكانوا يستعجلون بما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.