وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ قل ادعوا الذين زعمتم من دونه ﴾
في سبب نزولها قولان.
أحدهما : أن نفراً من العرب كانوا يعبدون نفراً من الجن، فأسلم الجن والنفر من العرب لا يشعرون، فنزلت هذه الآية والتي بعدها، روي عن ابن مسعود.
والثاني : أن المشركين كانوا يعبدون الملائكة، ويقولون : هي تشفع لنا عند الله، فلما ابتلوا بالقحط سبع سنين، قيل لهم :"ادعوا الذين زعمتم"، قاله مقاتل، والمعنى : قل ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهة، ﴿ فلا يملكون كشف الضُّرِّ عنكم ولا تحويلاً ﴾ له إِلى غيركم.
قوله تعالى :﴿ أولئك الذين يَدْعون ﴾ في المشار إِليهم ب "أولئك" ثلاثة أقوال.
أحدها : أنهم الجن الذين أسلموا.
والثاني : الملائكة.
وقد سبق بيان القولين.
والثالث : أنهم المسيحُ، وعزيرٌ، والملائكةُ، والشمسُ، والقمرُ، قاله ابن عباس.
وفي معنى "يدعون" قولان.
أحدهما : يعبدون، أي : يدعونهم آلهة، وهذا قول الأكثرين.
والثاني : أنه بمعنى يتضرعون إِلى الله في طلب الوسيلة.
وعلى هذا يكون قوله :"يدعون" راجعاً إِلى "أولئك"، ويكون قوله :"يبتغون" تماماً للكلام.
وعلى القول الأول : يكون "يدعون" راجعاً إِلى المشركين، ويكون قوله :"يبتغون" وصفاً ل "أولئك" مستأنَفاً.
وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، وأبو عبد الرحمن :"تدعون" بالتاء قال ابن الأبناري : فعلى هذا، الفعلُ مردودٌ إِلى قوله :﴿ فلا يملكون كشف الضُّرِّ عنكم ﴾.
ومن قرأ "يدعون" بالياء، قال : العرب تنصرف من الخطاب إِلى الغَيبة إِذا أُمن اللَّبْس.
ومعنى "يدعون" : يدعونهم آلهة.
وقد فسرنا معنى "الوسيلة" في [ المائدة : ٣٥ ].
وفي قوله :﴿ أيُّهم أقرب ﴾ قولان ذكرهما الزجاج.
أحدهما : أن يكون "أيهم" مرفوعاً بالابتداء، وخبره "أقرب"، ويكون المعنى : يطلبون الوسيلة إِلى ربهم، ينظرون أيُّهم أقرب إِليه فيتوسَّلون إِلى الله به.