وقال جار الله : الكلمة التي هي أحسن مفسرة بقوله :﴿ ربكم أعلم بكم ﴾ إلى آخره أي قولوا لهم الكلمة ونحوها ولا تقولوا لهم إنكم من أهل النار، وإنكم معذبون وما أشبه ذلك مما يزيد غيظهم. وقوله :﴿ إن الشيطان ينزغ بينهم ﴾ اعتراض. وقيل : المراد بالعباد الكفار أي قل لعبادي الذين أقروا بكونهم عباد إلي يقولوا الكلمة التي هي أحسن وهي كلمة التوحيد والبراءة من الشركاء والأضداد، لأن ذلك أحسن بالبديهة من الإشراك. ووصفه بالقدرة على الحشر أحسن من وصفه بالعجز عنه، والحامل على مثل هذه العقائد هو الشيطان المعادي. ثم قال لهم :﴿ ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم ﴾ بتوفيق الهداية، وإن يشأ يعذبكم بالإماتة على الكفر إلا أن تلك المشيئة غائبة عنكم فلا تقصروا في الجد والطلب. ثم قال لرسوله :﴿ وما أرسلناك عليهم وكيلاً ﴾ حتى تقسرهم على الإسلام وما عليك إلا البلاغ على سبيل الرفق والمداراة وهذا قبل نزول آية السيف. وقيل : نزلت في عمر بن الخطاب شتمه رجل فأمره الله بالعفو. وقيل : أفرط إيذاء المشركين للمسلمين فشكوا إلى رسول الله ﷺ فنزلت. وحين قال :﴿ ربكم أعلم بكم ﴾ عمم الحكم فقال :﴿ وربك أعلم بمن في السموات والأرض ﴾ يعني أن علمه غير مقصور عليكم ولا على أحوالكم بل علمه متعلق بجميع الموجودات وبما يليق بكل منها وبذلك حصل التمايز والتفاضل كما قال :﴿ ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض ﴾ وفيه رد على أهل مكة في إنكارهم أن يكون يتيم أبي طالب مفضلاً على الخلائق ونبياً دون صناديد قريش وأكابرهم. وأنما ختم الآية بقوله :﴿ وآتينا داود زبوراً ﴾ ليعلم أن التفضيل ليس بالمال والملك وإنما هو بالعلم والدين فإن داود كان ملكاً عظيماً ولم يذكره الله سبحانه إلا بمزية إيتاء الكتاب. وفيه أيضاً إشارة إلى أن محمداً ﷺ خاتم الأنبياء وأمته خير الأمم بدليل قوله :{ ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض


الصفحة التالية
Icon