فصل فى التفسير الإشارى فى الآيات السابقة
قال العلامة نظام الدين النيسابورى :
التأويل :﴿ لا تبتغوا إلى ذي العرش سبيلاً ﴾ يشتمل معنيين لأنهم إن كانوا أكبر منه أو أمثالاً له طلبوا طريقاً إلى إزعاج صاحب العرش ونزع الملك منه قهراً، وإن كانوا أدون منه طلبوا إليه الوسيلة بالخدمة والعبودية على أن الناقص لا يصلح للإلهية وهذا قريب من التفسير :﴿ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ﴾ لكل ذرة من ذرات الموجودات ملكوت لقوله :﴿ فسبحان الذين بيده ملكوت كل شيء ﴾ [ يس : ٨٣ ] والملكوت باطن الكون وهو الآخرة، والآخرة حيوان لا جماد لقوله :﴿ إن الدار الآخرة لهي الحيوان ﴾ [ العنكبوت : ٦٤ ] فلكل ذرة لسان ملكوتي ناطق بالتسبيح والحمد تنزيهاً لصانعه وحمداً له على ما أولاه من نعمه، وبهذا اللسان يطق الحصى في كف النبي ﷺ وبه تنطق الأرض يوم القيامة ﴿ يومئذ تحدث أخبارها ﴾ ﴿ الزلزلة : ٤ ] وبه تنطق الجوارح { أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ﴾ [ فصلت : ٢١ ] وبه نطق السموات والأرض ﴿ قالتا أتينا طائعين ﴾ [ فصلت : ١١ ] ﴿ وإنه كان حليماً ﴾ في الأزل إذا أخرج من العدم من يكفر به ويجحده ﴿ غفوراً ﴾ لمن تاب عن كفره. ﴿ وإذا قرأت القرآن ﴾ فيه إشارة إلى أن من قرأ القرآن بتمامه وصل إلى أعلى معارج القدس وأقصى مدارج الأنس كما جاء في الحديث " يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق " قال أبو سليمان الخطابي : جاء في الأثر أن عدد آي القرآن على قدر درج الجنة فمن استوفى جميع آي القرآن استولى على أقصى درجات الجنة. قال المحققون : استيفاء جميع آي القرآن هو أن يتخلق بأخلاقه وصفاته بل بأخلاق الله وصفات الله. وهذا يكون بعد العبور عن الحجب الظلمانية والنورانية فيكون بينه وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً. لم يقل " ساتراً " لأن الحجاب يستر الواصل عن المنقطع ولا يستر المنقطع عن الواصل فيكون الواصل مستوراً بالحجاب المنقطع. ﴿ ولّوا على أدبارهم ﴾ لأنهم من سوء مزاجهم لا يكادون يقبلون الغذاء الصالح، فالحلاوة