يرميكم ذلك الحاصب في وجوهكم أو فوق رؤوسكم رمياً يهلك مثله كما وقع لقوم لوط أنا أرسلنا عليهم حاصباً، وقيل : الحاصب : الريح، ولم يقل : حاصبة لأنه وصف لزمها، ولم يكن لها، مذكر تنتقل إليه في حال فكان بمنزلة حائض ﴿ثم لا تجدوا﴾ أيها الناس ﴿لكم﴾ وأطلق ليعم فقال تعالى :﴿وكيلاً﴾ ينجيكم من ذلك ولا من غيره كما لم تجدوا في البحر وكيلاً غيره ﴿أم أمنتم﴾ إن جاوزت بكم الغباوة حدها فلم تجوزوا ذلك ﴿أن يعيدكم فيه﴾ أي البحر بما لنا من العظمة التي تضطركم إلى ذلك فتقركم عليه وإن كرهتم ﴿تارة أخرى﴾ بأسباب تضطركم إلى ذلك ﴿فنرسل عليكم﴾ أي بما لنا من صفة الجلال ﴿قاصفاً﴾ وهو الكاسر بشدة ﴿من الريح﴾ كما عهدتم أمثاله يا من وقفت أفكارهم مع المحسوسات فرضوا بذلك أن يكونوا كالبهائم لا يفهمون إلا الجزئيات المشاهدات ﴿فيغرقكم﴾ أي في البحر الذي أعدناكم فيه، لعظمتنا ﴿بما كفرتم﴾ كما يفعل أحدكم إذا ظفر بمن كفر إحسانه ﴿ثم لا تجدوا لكم﴾ وإن أمعنتم في الطلب، وطالت أزمانكم في إتقان السبب.
ولما كان إطلاق النفي في ختام الآية الماضية - وإن كان لإرادة التعميم - يحتمل أن يدعي تقييده بما يخالف المراد، وكان المقصود هنا التخويف بسطوته سبحانه تارة بالخسف وتارة بغيره، قيد بما عين المراد، وقدم قوله تعالى :﴿علينا﴾ دلالة على باهر العظمة ﴿به﴾ أي بما فعلنا بكم ﴿تبيعاً﴾ أي مطالباً يطالبنا به. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٤ صـ ٤٠٦ ـ ٤٠٧﴾


الصفحة التالية
Icon