وقال أبو حيان :
﴿ رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ﴾
الحاصب الريح ترمي بالحصباء قاله الفراء، والحصب الرمي بالحصباء وهي الحجارة الصغار.
وقال الفرزذق :
مستقبلين شمال الشام نضربهم...
بحاصب كنديف القطن منثور
والحاصب العارض الرامي بالبرد والحجارة.
تارة مرة وتجمع على تير وتارات.
قال الشاعر :
وإنسان عيني يحسر الماء تارة...
فيبدوا وتارات يجم فيغرق
القاصف الذي يكسر كل ما يلقى، ويقال قصف الشجر يقصفه قصفاً كسره.
وقال أبو تمام :
إن الرياح إذا ما أعصفت قصفت...
عيدان نجد ولا يعبأن بالرتم
وقيل : القاصف الريح التي لها قصيف وهو الصوت الشديد كأنها تتقصف أي تتكسر.
﴿ ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيماً وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلاّ إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصباً ثم لا تجدوا لكم وكيلاً أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفاً من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعاً ﴾.
لما ذكر تعالى وصف المشركين في اعتقادهم آلهتهم وأنها تضر وتنفع، وأتبع ذلك بقصة إبليس مع آدم، وتمكينه من وسوسة ذريته وتسويله ذكر ما يدل من أفعاله على وحدانيته، وأنه هو النافع الضار المتصرف في خلقه بما يشاء، فذكر إحسانه إليهم بحراً وبراً، وأنه تعالى متمكن بقدرته مما يريده.
وإزجاء الفلك سوقها من مكان إلى مكان بالريح اللينة والمجاديف، وذلك من رحمته بعباده وابتغاء الفضل طلب التجارة أو الحج فيه أو الغزو.