وقرأ نافع وأبو عمرو بالياء في الوصل وبحذفها في الوقف، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي " أخرتن " بحذف الياء في الوصل والوقوف، وهذا تشبيه بياء قاض ونحوه، لكونها ياء متطرقة قبلها كسرة، ومنه قوله تعالى :﴿ يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه ﴾ [ هود : ١٠٥ ] وقوله ﴿ لأحتنكن ﴾ معناه : لأميلن ولأجرن، وهو مأخوذ من تحنيك الدابة، وهو أن يشد على حنكها بحبل أو غيره فتنقاد، وألسنة تحتنك المال، أي تجتره، ومنه قول الشاعر :
تشكو إليك سنة قد أجحفت... جهداً إلى جهة بنا فأضعفت
واحتنكت أموالنا وجلفت... ومن هذا الشعر، قال الطبري ﴿ لأحتنكن ﴾ معناه : لاستأصلن، وعبر ابن عباس في ذلك ب " لأستولين "، وقال ابن زيد لأضلن، وهذا بدل اللفظ لا تفسير، وحكم إبليس بهذا الحكم على ذرية آدم، من حيث رأى الخلقة مجوفة مختلفة الأجزاء وما اقترن بها من الشهوات والعوارض، كالغضب ونحوه، ثم استثنى القليل، لعلمه أنه لا بد أن يكون في ذريته من يصلب في طاعة الله، وقوله :﴿ اذهب ﴾ وما بعده من الأوامر، هو صيغة افعل من التهديد، كقوله تعالى
﴿ اعملوا ما شئتم ﴾ [ فصلت : ٤٠ ] و﴿ تبعك ﴾ معناه في طريق الكفر الذي تدعو إليه، فالآية في الكفار وفي من ينفذ عليه الوعيد من العصاة وقوله ﴿ جزاء ﴾ مصدر في موضع الحال، و" الموفور " المكمل ﴿ واستفزز ﴾ معناه استخف واخدع حتى يقع في إرادتك، تقول استفزني فلان في كذا إذا خدعك حتى تقع في أمر أراده، ومن الخفة قيل لولد البقرة فز ومثله قول زهير :
كما استغاث بسيىء فز غيطلة... خاف العيون فلم ينظر به الحشك


الصفحة التالية
Icon